أدرك القائمون بالاتصال دور وسائل الاتصال الجماهيري وأهميتها؛ فتبنت اتجاهًا معاصرًا هدفه انتشار تلك الوسائل بكل مخرجاته الفنية والصحفية من حيث الشكل ومضمون الخطاب الاعلامي في أغلب قنوات وسائل الاتصال الحكومية والخاصة التي أتضح دورهم وأهميتهم في مجتمعات دول العالم الثالث ومعالجة قضاياه الآنية والمستقبلية المتشابكة والمعقدة لكافة الأصعدة ومجالات الحياة، وأصبحت تلك الوسائل ومخرجاته المتعددة والمختلفة جزءًا أساسيًا من الطقوس اليومية للكثير من المواطنين بشكل عام، ثم جمهور النخبة بشكل خاص نظرًا لتأثير النخبة في وسائل الاتصال باعتبارها مصدرًا مهمًا ومحورًا من محاور الأخبار والمعلومات وأحد الروافد الأساسية لإثرائها فكريًا. ولذلك تحددت المشكلة العلمية لهذه الكتاب في رصد طبيعة الدور الذي تقوم به وسائل الاتصال الجماهيري في مجتمعات الدول النامية في طرح القضايا المرتبطة بهم ومعالجتها وأثر هذا الدور في ما يترتب عليه من تأثيرات معرفية ووجدانية وسلوكية لشريحة مهمة ضمن شرائح الجمهور في تلك المجتمعات وهم النخبة بفئاتها السياسية والأكاديمية والإعلامية نحو هذه القضايا من خلال مستويين من البحث والدراسة: أولهما تحليل النظريات الاعلامية المرتبطة والمؤثرة على اعتماد واقناع النخبة كأفراد قادة رأي المجتمع وعلاقتهم بالعملية الاتصالية ضمن محددات علمية التي تتناولها أهداف و تساؤلات وفرضيات تلك النظريات وانعكاساتها على فئات نخبة المجتمع والتعرف على خصائص وسمات النخبة ضمن الاتجاهات المفسرة لنظريات النخبة ودورها التأريخي في تنشئة المجتمع ومواكبة الاحداث والتغيرات التأريخية. وثانيهما تناول نماذج تطبيقية ميدانية تحددت في التعرف على طبيعة علاقة النخبة بوسائل الاعلام بشكل عام والبرامج السياسية في القنوات الفضائية تحديداً ومدى اعتمادها عليها ودوافع اعتمادها عليها ورصد طبيعة المادة البرامجية التي يُحرص على مشاهدتها لاستخلاص دور وسائل الاعلام على التأثيرات المعرفية والوجدانية والسلوكية للنخبة التي عالجتها.
…