تعتبر الفسيفساء أو الموزاييك في حقيقة الأمر صناعة فنية ابتكرها الإنسان من أجل تحسين وتجميل مسكنه، أو أماكن تواجده ومن الممكن أيضاً أن يكون لها دور إضافي وهو العزل والتخفيف من الرطوبة ولهذا أخذت تتطور مع تطوره وتوسع مداركه ومفاهيمه، وفي مرحلة لاحقة لم يقتصر الأمر على تبليط الأرضيات وإنما أخذ الفنانون يبدعون في نسج الابتكارات الفنية؛ وهذا يعني أنه أخذ يعتمد في ترجمة ذلك من خلال اللوحات الفنية وخاصة الرسوم الجدارية ذات المواضيع المختلفة وحسب المفاهيم المتداولة في كل عصر وفي كل مرحلة تاريخية وقبل أن يرقى إلى صناعة الفسيفساء.
وأصبحت الفسيفساء من المرتكزات الأساسية للفنون، أو بمعنى آخر أحد الفنون الهامة؛ إلا أنها بالمقابل لم تكن فناً مبتكراً وإنما جاءت كما ذكرنا برهاناً وترجمةً لفن الرسم والتصوير، وهذا يعني أنها لم تتوغل في قدمها كباقي الفنون في العالم شرقاً وغرباً وإنما جاءت بفترة متأخرة لم تتجاوز القرن الرابع قبل الميلاد؛ أي الفترة الكلاسيكية من العصر اليوناني ومن ثم الروماني. ولكن في الشرق الأوسط وخاصة في بلاد النهرين فقد اكتشفت الفسيفساء في الوركاء حيث كانت تكسى الجدران بالفسيفساء منذ فجر التاريخ، كما تم اكتشاف اسطوانات ملونة ومرصوفة مع بعضها البعض وتشكل زخرفة مسننة استخدمت في صناعتها مادة الأجر المشوي بحيث لم يتجاوز قطر الواحدة منها ثلاثة سم، كما تم استخدام الرخام في ذلك أيضاً إضافة إلى الفسيفساء الغير منتظم المقاييس والتي تعود في صنعها إلى مصر القديمة أو بلاد فارس . كما أدخل سكان بلاد النهرين الفسيفساء في العمارة ثم استعمل الفينيقيون والآراميون والمصريون هذا الفن بطرق وبدائل تنسجم مع معتقداتهم ومن ثم نقلوه للعالم……..