عُدّت القضية الكردية في العراق واحدة من أهم القضايا الأساسية والجوهرية في واقع العراق السياسي الحديث، فعلى الرغم من مرور ما يقارب الـــ (97) عاماً من عمر الدولة العراقية، ما تزال القضية الكردية هي المحور البارز في اهتمامات مختلف أنظمة الحكم التي تعاقبت على العراق وهي محط اهتمام دول الجوار الاقليمي والعالم أجمع لما للأهمية التي تحتلها تلك القضية عبر سنوات طوال.
وإذا كانت تطلعات الأكراد القومية – وما رافقها من ممارسات صِدامية – قد كشفت وجود خللاً بيناً في الآليات الحكومية المنتهجة لصياغة المشروع الوطني العراقي، فان التوظيف الخارجي للقضية الكردية – وما رافقها من دعم إقليمي ودولي مباشر للحركة الكردية المسلحة – قد ساهم بدوره في عرقلة أي جهود حكومية مخلصة لرأب الصدع وضمان حقوق بعض الجماعات التي ظلت تشعر بالتهميش والإبعاد عن مجرى الحياة السياسية العراقية.
وبالنظر للأهمية التي تحظى بها القضية الكردية فلابد أن تكون محل اهتمام ودراسة الباحثين في المجالات التاريخية والسياسية، ويمكن رد الأسباب التي دفعتنا إلى انتقاء هذا الموضوع إلى سببين أثنين هما:
أولاً: حظيت القضية الكردية بأهمية لتوزعها على أربع دول في المنطقة – ومن ضمنها العراق – وللأهمية الجيوسياسية الاستراتيجية والاقتصادية لاسيما بوجود النفط، فضلاً عن كونها تحفل بصراعات قومية وبمشكلات اثنية وعرقية غير قليلة تؤثر على دول المنطقة وعلى المصالح الإقليمية والدولية.
ثانياً: افتقار المكتبة العربية بصورة عامة والعراقية بصفة خاصة إلى دراسات اكاديمية متكاملة في هذا الميدان إذ لا يوجد إلا قلة قليلة من الباحثين العراقيين ممن بحث في هذا الموضوع.