بسبب حادثة الإفك الأليمة، أنزلت سورة من سور القرآن، تسمى: “سورة: النور”؛ لتحوّل ظلام الكذابين وبهتانهم إلى لوحات مشرقة من النور الإلهي الشامل الممتد، الذي يُظهر الحقيقة الناصعة، ويُبرِّئ عائشة أم المؤمنين، رضي الله عنها، في وحْيٍ يتلوه المؤمنون الصادقون، المنتفعون بتلاوته، وتوحيده، وأحكامه، ومواعظه، آناء الليل، وأطراف النهار، إلى ما شاء الله تعالى.
وقرَن الله لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم زوجاتٍ طاهرات، صالحات أن يكنَّ قدوة لغيرهن، وعلَّمهن وأدَّبهن، ووعَدهن مضاعفة الثواب لمن تتقي ربها، كما حذرهن مضاعفة العقوبة كذلك لأنهن في مكان القدوة، فلسن كأحد من النساء، كل هذه التوجيهات ليذهب عنهن الرجس؛ قال الله تعالى: ﴿ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا * وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا * يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًالاً مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾الأحزاب: 30 – 33.
وهكذا أتم الله النِّعمة، فبعث لنا رسولَنا صلى الله عليه وسلم الطيِّب الطاهر، وأيَّده بصحبِه الطيبين الطاهرين، وبزوجاته الطيبات الطاهرات وفي مقدمتهن أمنا عائشة الطيبة الطاهرة رضي الله عنها. جاء في تفسير الظلال في قوله تعالى: { الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ {26}… يختم الحديث عن حادث الإفك ببيان عدل الله في اختياره الذي ركبه في الفطرة، وحققه في واقع الناس. وهو أن تلتئم النفس الخبيثة بالنفس الخبيثة، وأن تمتزج النفس الطيبة بالنفس الطيبة. وعلى هذا تقوم العلاقات بين الأزواج. وما كان يمكن أن تكون عائشة رضي الله عنها كما رموها، وهي مقسومة لأطيب نفس على ظهر هذه الأرض.. ولقد أحبت نفس الرسول صلى الله عليه وسلم عائشة حبا عظيما. فما كان يمكن أن يحببها الله لنبيه المعصوم، إن لم تكن طاهرة تستحق هذا الحب العظيم..