إن دراسة الحياة الاجتماعية عبر المصادر الأدبية لاسيما موضوع الدراسة الموسوم بـ(الحياة الاجتماعية في كتاب محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء للراغب الأصفهاني(ت502هـ/1108م)) يعد استمراراً لنهج الدراسات السابقة في الجانب الاجتماعي، لذلك جاءت هذه الدراسة بوصفها أظهرت طبيعة الحياة الاجتماعية بكافة تفرعاتها برؤية أدبية، وان استجلاء الحياة الاجتماعية في كتاب محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء من الضرورة دراسة مصدر أدبي من الناحية التاريخية مهمة فالكتاب الذي تكفت عليه الأطروحة في دراستها يحتل مكانة مرموقة في المكتبة الأدبية العربية فضلاً عن التاريخية، ومؤلفه الراغب الأصفهاني الذي رفد المكتبة الإسلامية بمصدر مهم غطت الحياة الاجتماعية والأدبية في الدولة العربية الإسلامية بما حواه من معلومات عن طبقات وفئات المجتمع الإسلامي آنذاك، وهي طبقات وفئات مهمة كانت عماد النظام الاجتماعي، فضلاً عن السياسية من خلفاء، وأمراء، ووزراء، وطبقة التجار، وأصحاب الحرف الأخرى.
إن النص الأدبي الذي قامت عليه محاور الكتاب يمكن أن يعد وثيقة تاريخية عبرت عن أحوال المجتمع العربي الإسلامي آنذاك، وهي في الوقت نفسه تعبر عن شخصية وآراء كاتبها صاغها بطابع أدبي، ومن هنا جاءت أهمية هذا الكتاب ومما ساعد المؤلف الذي عاش في القرن الخامس الهجري/الحادي عشر الميلادي أنه عاش في عاصمة الفكر والأدب بغداد التي ازدهرت في مختلف العلوم، فضلاً عن كونها عاصمة الخلافة العربية الإسلامية التي شهدت تمازجاً حضارياً لجميع الأفكار والاتجاهات، والذي انعكس في مجمله على ذلك الكم الهائل من الثقافات المتقدمة آنذاك..