تحتل دراسة الموقع الجيوستراتيجي (Geostrategic Location) مكانة بارزة في الدراسات الجغرافية السياسية والعلاقات الدولية، وذلك لتقويم مكانة الدولة وقيمتها الإستراتيجية والاقتصادية في الساحة الإقليمية والدولية، انطلاقاً من تحليل العناصر والمقومات الجغرافية للدولة، ومدى استثمارها.
استأثرت تركيا بعد الحرب العالمية الثانية باهتمام خاص من قبل صناع القرار السياسي في أوربا الغربية، بعدما انكفأت على نفسها في اثناء الحرب، نظراً لموقعها الاستراتيجي المهم، الذي استعاد جزء من مكانة ووزن تركيا الجيوسياسي في الساحة الدولية في اثناء الحرب الباردة، اذ شكل موقع تركيا خط جبهة مع القوة السوفياتية، بعدما اعتنقت الاهداف الاستراتيجية الغربية، للحفاظ على العقيدة الأتاتوركية، وحماية حدودها الخارجية من اي تهديد خارجي.
بَيْدَ ان تركيا بقيت، في كل الابعاد الاخرى، دولة “هامشية” تقع عند الحد الخارجي، بالرغم من ارثها التاريخي وجوارها الجغرافي مع منطقة الشرق الاوسط والبلقان والقوقاز وشمال افريقيا واسيا الوسطى، الا انها لم تكن جزءاً من اي منها، نتيجة لاستراتيجيات الحرب الباردة، التي لم تمنح تركيا اي فرصة من لعب دور فعال في جوارها الاقليمي والدولي.