يعد موضوع الدراسة من المواضيع الحديثة التي لم تنل القدر الكافي في الدراسات العلمية والاكاديمية، ولاسيما إذا ما علمنا أن قضايا حقوق الإنسان قد حظيت بإهتمام بالغ الأثر من لدن دوائر صنع القرار الدولية، وذلك بسبب تجاذب وتنافر المصالح إزاءها، ولذلك شكلت تونس ومصر بعد الثورة مركز استقطاب مهم ؛إذ نلاحظ استمرارية تصعيد الاهتمام والتأثير في ملفات حقوق الإنسان في هذين البلدين من قبل القوة العظمى والقوى الكبرى، وعلى هذا الأساس اقتضت الضرورة دراسة الموضوع بشكل علمي ممنهج ليتسنى لنا معرفة طبيعة المصالح الوطنية والدولية في تونس ومصر ولما لها تأثير في قضايا حقوق الإنسان، واتساقاً مع ذلك شهدت مرحلة ما بعد الحرب الباردة تطورات سياسية واقتصادية وأمنية مهمة شكلت بالمحصلة إنعطافة جديدة بسبب إنفراد الولايات المتحدة الأمريكية ضمن إطار القطبية الأحادية؛ أما ما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان فالجانب المصلحي أصبح حاضراً وبقوة وكثيراً ما تحولت حقوق الإنسان أداة بيد الغرب و الولايات المتحدة الامريكية لتحقيق مصالحها، وهذا أدى الى التداخل ما بين الجانب الإنساني والجانب السياسي، ومن هنا اقتضت الضرورة دراسة الأبعاد والمصالح الوطنية والأبعاد والمصالح الدولية بما يعنيه ذلك من تقاطعات ومقاربات تشكل الملامح الأساسية لسياسات الدول، والسياسات الدولية على حَدًّ سواء، فالمصالح الطويلة المدى لجميع الأطراف سواء على المستوى الدولي أم الوطني فضلاً عن تزايد إنعدام الاهتمام بحقوق الإنسان على المستوى الوطني وزيادة الانتهاكات لتلك الحقوق وَلَّد محفزات السلوك التصادمي من أجل تأمين المصالح الحيوية لمختلف الأطرف، ولم ينفِ التفاوت اللافت في الهياكل السياسية لمختلف الدول بألتقاءها حول القاسم المشترك والمتمثل بالمصالح الاستراتيجية فكان السلوك السياسي للقوى العظمى قائماً على النهوض بقضايا حقوق الإنسان و عدها مفردة أساسية من مفردات التفاعل السياسي الدولي وتوظيفها وفقاً لأهدافها السياسية، وذلك ما يتعذر إدراكه بمعزل عن أي دور أساسي تقوم به الأطراف الأخرى، والتي غالباً ما يكون دورها هامشياً و مرحلياً يتكيف مع تطورات البيئة السياسية المحيطة، وبسبب الرؤية غير المكتملة في التعاطي مع قضايا حقوق الإنسان التي تبنتها أنظمة الحكم العربية بما فيها نموذجينا، والتي لم تلقِ كثيراً من الإهتمام بموضوع حقوق الإنسان وتعزيزها فإنها أنتجت نوعاً من المستويات المتقاربة والمتعارضة للمصالح أسهمت بشكل كبير في التوظيف السياسي لحقوق الإنسان.