إنَّ علوم الحديث من أهم العلوم في الفكر الإسلامي وتاريخه، وأجلَّها وأعظمها بعد علوم القرآن، فهي تمثل العقلية الإسلامية في تميّزها الواضح، وتمثل منهج المسلمين في نقل الخبر وضبطه، ولذا كانت عناية المسلمين به عناية كبرى، تحملوا من أجله الشيء الكثير، للمحافظة على الحديث النبوي الشريف، الذي يمثل المصدر والأصل الثاني للتشريع بعد القرآن الكريم، ممّا أوجب على الرجال الذين تصدُّوا لهذه المهمة الشاقة، والأمانة والمسؤولية الكبرى، أن يكونوا بأعلى درجات الضبط والدقة والعدالة في نقل علومه وآثاره، بمنهج التحمل والأداء، ونقد السند والمتن، والجرح والتعديل، لحفظ الحديث وضبطه رواية ودراية.
فكان دور المرأة المسلمة في رواية الحديث النبوي الشريف رواية ودراية كأخيها الرجل سواء بسواء، يتضح جلياً بشكل فاعل، وعزيمة راسخة، وذهن ثاقب، وهمة عالية، وجهد لا ينضب في حفظ السنن وضبطها وروايتها وتدوينها، بأعلى درجات الضبط والدقة والعدالة في التحمل والأداء.