يتركز هذا الكتاب على دراسة جزء من تاريخ سورية، ولا سيما الثقافة الهلنستية واثرها على المجتمع السوري القديم، فتتحد فيها صفات واحدة سواء بيئية أو اجتماعية أو جغرافية أو حضارية، وترجع في جذورها البشرية إلى أصل واحد، ويتلاحم تاريخها مع بعضها البعض بحيث يصعب عمليا الفصل القاطع بينها، ان السمة البارزة لسورية هو عصرها الذهبي عبر العصور المختلفة، مما اعطيت لها مكانة تاريخية واثرية، فهي اعطت للعالم اليوناني والروماني العلوم والفن والفلسفة.
وان سورية تحتل مكانة مهمة في تاريخ العالم، فادى الى رقي حضارتها من الناحية الفكرية والثقافية والروحية، من خلال الافكار التي اوجدوها والتعبير عنها، منها الحروف الابجدية التي اخذها اليونان من الفينيقيين واعطوها للرومان.
اتصفت الثقافة السورية بتطورها وفعاليتها خلال الفترة الهلنستية بمجموعة من المفكرين والشعراء والفلاسفة وتنوع طبائعهم ورثائهم العلمي والديني، استطاعوا من خلالها تأسيس مدارس فلسفية لها مكانتها الخاصة في العالم اليوناني والروماني، ولا سيما المدرسة الرواقية والمدرسة الافلاطونية.
ان الدراسات التي تتعلق بالموضوع تناولت بشكل عام، فلا بد من اعداد دراسة تاريخية خاصة لأثر الثقافة على سورية وما له من اهمية كبيرة، فهو يمثل مواصلة سورية بأداء دورها الحضاري، مما ادى الى ترسيخ مكانة سورية الحضارية.