تعد شبه القارة الهندية من مناطق الصراع الدائمة في العالم، اذ كانت مطمعاً لكثير من الدول الاستعمارية التي قصدت السيطرة عليها كما كانت مسرحاً لصراعات داخلية طائفية وعرقية كبيرة راح ضحيتها الآلاف من المواطنين من كل الاطراف .
شهدت الحقبة التي اعقبت وصول الاستعمار البريطاني الى الهند بروز روح الكفاح الوطني لدى الهنود، وفي محاولة اجنبية للسيطرة على هذه الحركة الوطنية وجهت السلطات البريطانية في الهند تأسيس احزاب سياسية في البلاد مثل حزب المؤتمر الوطني الهندي الذي أسس في عام 1885 ومن بعده حزب الرابطة الاسلامية الذي أسس عام 1906، إلا أن ذلك ادى الى ظهور صراعات طائفية وبروز قيادات سياسية خاصة بكل طائفة لتكون ناطقة بإسمها .
وعلى الرغم من اصرار حزب المؤتمر الوطني الهندي على تمثيل جميع الهنود وعلى اختلاف اديانهم إلا أن سيطرة الهندوس عليه صبغته بالطابع الهندوسي، في حين اصبح حزب الرابطة الاسلامية الممثل الفعلي للمسلمين، لذلك استمرت الصراعات بين الجانبين حتى الاستقلال واعلان دولتين مستقلتين في الخامس عشر من آب عام 1947، احدهما هندوسية وهي الهند، والاخرى مسلمة هي باكستان .
ان دراسة التطورات السياسية التي طرأت على باكستان بعد الاستقلال وانفصالها عن الهند الكبرى، توضح التناقضات والصراعات السياسية التي شهدتها الساحة السياسية في باكستان، فضلاً عن ان البريطانيين الذين قرروا منح شبه القارة الهندية استقلالها لم يكونوا على استعداد للتخلي عن مصالحهم من دون ان يتركوا هذه البلاد في حاجة دائمة لهم .