لقد واكب الشعر حياة العرب منذ القدم، وانشغل بهمومهم وآمالهم، وصور ملامح حياتهم وجوانبها الاجتماعية، وجاءت هذه الدراسة لتبحث في تفاصيل الحياة الاجتماعية للمجتمع الأموي، وتكشف عن العلاقات الاجتماعية بين أفراده، وعاداتهم وتقاليدهم، ووسائل تسليتهم وترفيههم، والمهن والحرف التي برعوا فيها، وترصد الأدوات التي استخدموها فيها، وتعرض لأبرز منجزاتهم الحضارية في المجالات الصناعية والعمرانية، وغيرها، وتمحّص النظر في التشكيل الفني للشعر الاجتماعي في العصر الأموي.
وقد خلص استقراء المقطعات والقصائد الشعرية التي وقفت الدراسة عليها، إلى أن الشعراء الأمويين عبّروا عن طبيعة العلاقات الأسرية بين أفراد مجتمعهم في مختلف صورها، ورسموا أدق تفاصيلها، كما صوروا عاداتٍ المجتمع الأموي وتقاليده، ومثله وأخلاقه، وذكروا أبرز الأطعمة والأشربة التي عرفها أهله، وأشكال ملبسهم وأنواعها وألوانها، والوسائل التي اتخذوها للتسلية والترفيه عن أنفسهم.
وكشفت الدراسة عن جملة من المهن والحرف التي برع فيها أفراد المجتمع الأموي وأتقنوها، وعرضت الدراسة لأبرز المنجزات الحضارية للمجتمع الأموي في مجالات البناء والعمارة والصناعة، مبينة أدواتهم وموادهم التي استخدموها لتحقيق تلك المنجزات.
وبينت الدراسة أن للشعر الاجتماعي في العصر الأموي ألفاظه الخاصة به، اتسم بعضها بالواقعية والمباشرة والسلاسة، وتميز بعضها الآخر بالقوة والفخامة والجزالة تبعاً للموضوع الاجتماعي الذي يطرقه الشاعر، وقد تميّز الشعر الاجتماعي بأسلوب يختلف عن غيره من الاتجاهات الشعرية، إذ يتصل موضوعه بالبيئة الاجتماعية اتصالاً وثيقاً، فهو أسلوب واقعي مباشر انسجم مع الحياة، واتصف بالوضوح، والبعد عن التفلسف والتعقيد.