تمارس وسائل الاعلام بأنواعها المختلفة المقروءة والمسموعة والمرئية عنفا لغويا في خطابها الاعلامي ، وباتت هذه الممارسة اكثر وضوحا في الانواع الصحفية ( الخبر والتقرير والتحقيق والحديث والمقال الصحفي ) ، عن طريق ما تقدمه هذه الوسائل ومنها الفضائيات العربية من اخبار وتقارير وبرامج حوارية يسودها العنف اللغوي الظاهري ، فهناك عنفا لغويا ظاهرا ومعلنا تمارسه وسائل الاعلام كان من ابرز مظاهره العنف اللفظي الذي يتسم به خطابها الاعلامي ، وهناك بالمقابل عنفا لغويا خفيا يحتاج الى تعمق اكثر للكشف عنه .
فقد وصل الامر في الخطاب الاعلامي السياسي حد استعمال القمع اللغوي ، وهو التعبير الذي اورده ( لوسركل ) في كتابه عن العنف اللغوي فقد وصف هذا الاستعمال بـ( الاثم اللغوي ) او ( السفاح اللغوي ) و( جثث الكلمات ) ، وهذه التعبيرات كلها تدل على اقصى درجات العنف اللغوي في الاستعمال .
وهنا يبرز تساؤل يحتاج الى الاجابة : اين يكمن عنف اللغة الاعلامي الظاهر والمخفي في وسائل الاعلام ؟ هل يكمن في صياغة الخطاب نفسه ؟ ام في سياسة الوسيلة الاعلامية ؟ ام في العملية التحريرية ؟ ام في علاقة الصحفي مع الخطاب الاعلامي ومؤسسته الاعلامية ؟
هذه التساؤلات يجيب عنها هذا الكتاب بفصوله الاربعة