نظرية النحو الوظيفي من النظريات اللسانية الحديثة التي يكمن اختلافها عن النظريات الصورية، في كونها تجمع بين بنية اللغة وبين وظيفتها التواصلية جاعلة الأولى تابعة للثانية، وعن النظريات التداولية الصرف في أنها لا تفصل المعنى عن الصورة.
وقد أتاحت نظرية النحو الوظيفي للبحث اللساني المغربي وعبره وبفضله للبحث اللساني العربي عموما، بلوغ أهداف استراتيجية ثلاثة:
أولها: وصف ظواهر اللغة وتفسيرها عربية فصحى كانت أم عربيات دوارج أم لغات أفريقية ولغات أوربية، مع السعي في إقامة تنميط ممنهج لهذه اللغات، ودراسة تطورها من حيث الوظيفة والبنية معا.
ثانيها: مقاربة قضايا المجتمع ( ترجمة، اضطراب نفسي/ لغوي، تدريس اللغات……).
ثالثها: ربط الصلة بين اللسانيات الوظيفية الحديثة والفكر اللغوي التراثي ربطا يضع حدا لما كان يروَّج من مفاهيم مغلوطة كالقطيعة والاسقاط.
الكتاب الذي بين أيدينا دراسة نقدية استشرافية لهذه النظرية؛ مفاهيم ونماذج وتطبيقات، وللعلاقة بين مفهومي الخطاب والسياق ودور -هذه العلاقة في بناء الأنحاء-، يقدمها الباحث اللساني المتميز الأستاذ عبد الوهاب صديقي بما عَوَّدَنا عليه في أبحاثه من شُمول عرضٍ، ودقة تحليلٍ، وعُمق مُساءلةٍ.