هذا الكتاب يعدُّ دراسةً نظريةً وتطبقيةً تناول الفصل الأول فيها التناص؛ مفهومه وجذوره، ثم جاء الفصل الثاني والثالث ليطبقا تلك المفاهيم على تجربة الشاعر أحمد علي الهمداني على مستوى الطافي والغاطس فالنص يشبه المحيط العميق الغور، وله بعدان: عميق وسطحي، فالنظر إليه يختلف من إنسان لآخر، فهناك من ينظر إلى سطحه فيرى أشياء طافية لا يختلف الناس عليها، فهي مدركةٌ حسياً بشكلٍ متساوٍ عند كلِ الناس، لكن إنساناً آخر قد يرى أشياء تطفو على السطح لا يلتفت إليها غيرُه.. وهناك إنسان آخر يدلُّه ما يطفوا على السطح على مافي الأعماق فيغطس باحثاً عمَّا في العمق وما يوجد في عمق محيط النص جوهرةُ النصِّ التي لا يصل إليها إلا غواصٌ مقتدرٌ، وهذا المحيط المتلاطم الأمواج يوحي سطحُه لكلِّ متأملٍ بأن ثمةَ جوهرةً في أعماق النص.. والنص حقيقةً يكون ناقص المعنى كثير الفجوات يحتاج ذاتاً قارئةً تكمل معناه، ولا تكمل معناه إلا حينما تملأ تلك الفجوات، وهي لا تدري أنها بملئها تلك الفجوات تفتح فجواتٍ جديدةً لقراءةٍ جديدةٍ تملؤها، وهكذا يظلُّ النص متجدداً بتجدد الذوات القارئة له.