يُقدم الكتاب تجربة خاصةً في تحليل الخطاب السياسي؛ تستند إلى المزج بين مقاربات وإجراءات متنوعة. فعلى الرغم من أنّ المؤلّف يجعل أعمال عماد عبد اللطيف محور اشتغاله على المستويين النظري والتطبيقي، فإنه يُفيد من أعمال أخرى مهمة، وبخاصة الكتابات التي تنتمي إلى المقاربة الفرنسية في تحليل الخطاب السياسي. ويتيح له هذا التوفيق الجمع بين إسهامات معرفية متنوعة، بالنظر إلى الخلفية الأنجلوسكسونية لمقاربة عبد اللطيف، والتطويرات ذات الخصوصية العربية فيها. ويمكن للقارئ أن يلحظ على مدار صفحات كتاب الأستاذ صدّيقي حالة تواشج بين المفاهيم، وإجراءات التحليل ذات الخلفيات المتنوعة.
ينتمي الكتاب إلى توجه في الدراسات العربية يستهدف ربط البلاغة العربية بدراسات الخطاب. ويتبنى، لتحقيق ذلك، تصورًا مغايرًا للمفهوم التقليدي للبلاغة الذي يقرنها بعلوم المعاني والبيان والبديع على نحو حصري. يُدرك هذا التصور البلاغة بوصفها العلم الذي يدرس الإقناع والتأثير في الخطابات العامة والخاصة. ويتكئ على توجُّه بعينه من توجهات البلاغة العربية المعاصرة هو توجه بلاغة الجمهور؛ الذي يُعنى بدراسة العلاقة بين بناء النصوص والخطابات وأدائها وتداولها من ناحية، واستجابات الجمهور لها من ناحية أخرى.