ان لمعرفة أسماء الأعيان وتراجمهم فوائد كثيرة، منها: معرفة مناقبهم وأحوالهم؛ فيتأدب بآدابهم، ويقتبس المحاسن من آثارهم، ومنها: معرفة مراتبهم وأعصارهم؛ فينزلون منازلهم، وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم، ومن فوائد معرفة أسماء الرجال كذلك أن فيهم أئمتنا وأسلافنا، ويقبح بنا أن نجهلهم، ومنها: بيان مصنفاتهم ما لها وما عليها، والتنبيه على مراتبها وأهميتها، وفى ذلك ارشاد لخلفهم بمكانة أصحابها في العلم، وتعريف للطلبة والدارسين بمراجعتها ودراستها، وما يعتمد منها للدراسة العلمية، وغير ذلك من الفوائد الكثيرة.
ومحافظة الأنبار التي خصصت هذه الدراسة لتراجم أعيان علمائها هي إحدى محافظات جمهورية العراق، تقع في الجزء الغربي من العراق، وعاصمتها مدينة الرمادي، وتعرف تاريخياً باسم لواء الدليم قبل عام 1961م. يحدها اليوم من الشرق مدينة بغداد، ومن الجنوب الشرقي محافظات كربلاء والنجف وبابل، ومن الشمال محافظتي صلاح الدين ونينوى، ومن الشمال الغربي الجمهورية العربية السورية، ومن الغرب المملكة الأردنية الهاشمية، ومن الجنوب المملكة العربية السعودية.
وإن حواضر محافظة الأنبار قد نجم منها في كل عصر أئمة يهتدى بهم، وأعلام ذاع ذكرهم، يشار إليهم عند ذكر الأئمة الأعلام، ويرتحل إليهم من أقاصي الأقطار للسماع منهم، وأخذ العلوم عنهم، سواء في علوم القرآن والحديث والفقه والأدب وعلوم العربية وغيرها، ومع ذلك فقد أتى النسيان على أخبارهم، واندثرت عند الخلف مآثرهم، لهذا أخذت نفسي بجمع ما وجدت من أخبار علمائهم، وتتبع ما تناثر أو اندثر من تراجم أعيانهم، أجمع أخبارهم السائرة، وعجائب جهودهم العلمية الباهرة؛ لئلا تندرس آثارهم، وتنقطع عن الأحفاد أخبارهم، غيرة لأهل هذا الأفق من بلاد العراق العزيز أن تعود أهلة بدوره، وتبزغ في سمائه أنوار نجومه؛ وتكون قراءة خلفهم لسيرهم أعلاما شامخات تشد الأبصار إلى الاقتداء بهم، وعبيرا ينشر عطره بين الأبناء، أملا وتحفيزا ورجاء.