في ظل التغييرات الحضارية المتسارعة بسبب ثورة المعلوماتية التي غيرت العديد من المفاهيم السائدة لدى الامم والشعوب فاصبح العالم قرية صغيرة ويتم التواصل بينهم عن طريق وسائل تقنية معاصرة مثل الفيسبوك والتويتر والفايبر وغيرها وبالنتيجة ادى هذا الكم الهائل من وسائل التواصل الاجتماعي الى سهولة ويسر تبادل الافكار والرؤى مما شكل جرس انذار الى المجتمعات بان عليها صياغة فلسفة ادارتها للدولة، وبما يتلائم مع هذا التطور الكبير، ومن وجهة نظري فان الصراع الحقيقي هو حقيقة صراع ثقافي ايدلوجي بين المتحاورين، ومثل هكذا صراعات تحتاج الى ترسيخ ثقافة الاخر مقابل ثقافة المحاور مما يستدعي تمكين الثقافة للمجموع من اجل الحفاظ على الشخصية الوطنية وعلى الاقل بشكلها العام، لان ابرز التحديات في هذه المرحلة هو كيفية الحفاظ على الهوية الوطنية او الشخصية في ظل التجاذب او التنافر في النهايات السائبة للحوار.
يزداد الامر تعقيداً عندما ننظر الى مجتمعاتنا الاسلامية وهي تواجه هذا الخطر الكبير والمحدق وهو ما اطلق عليه البعض بانه صراع الحضارات ومنهم من حاول ان يسميه حوار الحضارات، واي كانت التسمية، فان الواقع يفرض نفسه، ومن ان مجتمعاتنا الاسلامية هي اصلاً متعددة الفكر والاطر الثقافية بسب التنوع الفقهي الذي ادى الى التنوع والاختلاف السياسي مما انتج ثقافات وأيدولوجيات قد تكون احياناً متفقة فيما بينها وقد تكون مختلفة لذلك نسمع مصطلحات المذاهب الاربعة او المذاهب الخمسة او المذاهب السبعة، فهل يمكن للفكر المختلف ان ينتج فكراً مؤتلفاً، اعتقد انه من الجزاف حقاً ان يقول عاقل بذلك.
ان مواجهتنا لا نفسنا اولاً هو التحدي الاول لنا في عالم اليوم، فهل ياترى نمتلك الشجاعة الكافية لمواجهة النفس، وهل لدينا الشجاعة الكافية لنقول ان فكر الاختلاف هو الذي انتج لنا الفكر المتطرف اسلامياً وبمختلف اشكاله حتى وصلنا الى الظاهرة الداعشية او غيرها.
والفاحص الدقيق يتمكن من التشخيص ان مجتمعاتنا تحتاج الى مدرسة فكرية معتدلة لم يكن لها ذلك الدور المؤثر في مقابل الحركات المتطرفة.
مما ادى الى مواجهة مجتمعاتنا ثورات دموية نازفة على مر العصور والتاريخ، لذا اثرت ان اتناول في كتابي هذا بعض المفاهيم والمعطيات التي تدل على نوع من الثقافة يدور بين الاسلمة وبين الحضرنة، اي بمعنى ادق هل نلبس الحضارة ثوب الاسلام ام نلبس الاسلام ثوب الحضارة ؟