السبب الاساسي لاختيار مفردة رؤى للتعبير عن الاتجاهات الفكرية للمدرسة التقليدية هو إن الرؤية تتعلق بشيء موجود أصلاً وتم التذكير به والحث على اتباعه وهذا منهج المدرسة التقليدية والتي رأت في الهوية العربية والاسلامية بمثابة معطى تاريخي موجود ولابد من استلهام جوانبه المثالية ولقد تركوا الجدل بشأن العوامل الاساسية التي أدت لتراجع هذا المشروع وعدم قدرته بمرور الزمن على تلبية متطلبات العصر وتحقيق الكينونة التاريخية للفرد العربي والمسلم، واما بالنسبة للمحدثين فقد اعتبرت نتاجهم الفكري بمثابة طروحات إذ انها قامت على دراسة ما هو موجود من معطيات فكرية وجذور تاريخية للهوية ومن ثم عملوا على تحليل معطياتها والبحث في جذور واسباب تراجع الدور الذي يفترض ان يقوم به العرب والمسلمون على الصعيد العالمي، واذا كانت الهوية عند التقليدية ذات معان استاتيكية ثابتة فهي عند المحدثين ذات طبيعة حركية مرنة يمكن عن طريقها الاستجابة لتحديات الحياة المعاصرة وهو ما يجعل من مشروع الهوية بمثابة حلقة دراسة مستمرة لا يستطيع الباحث أن يلم بجميع أطرافها ولا يغني موضوعها الا النقاش والجدل المستمر في طبيعة كينونتها وهو ما يأمله المؤلف من قراء هذا الكتاب، راجياً عذره عن أي نقص أو قصور في تناول هذا الموضوع الحيوي الذي شغل الفكر العربي الحديث والمعاصر منذ بدايات نهضته في القرنين المنصرمين.