تعد بغداد جوهرة المدن العربية الإسلامية وعروس البلدان، لما تتمتع من موقع جغرافي ومناظر جميلة، ومكانة مرموقة في تاريخ الحضارات الإنسانية، وتعد بغداد بحق رائعة من روائع المدن العربية لما فيه من الأسواق والحرف والصناع والعادات والتقاليد الأصيلة والسمعة الطيبة بفضل كرم أهلها، وجمال مساجدها وجسورها وكثرة شعرائها وأدابها وتفتخر بغداد قد انجبت الشاعر علي بن الجهم والذي أنشد:
عيون المها بين الرصافة والجسر جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
حظيت بغداد بعشق قلوب العلماء وألادباء والمتصوفة، وهي أم المدائن ومركز العلم والعلماء وقبلة الرحالة وكعبة القصاد وأم البساتين والمكتبات والروايات والأساطير والقصص الخيالية وارومانسية في الحب والمحبين، ولها صورة جذابة وراقية وجميلة في عيون العامة، جميلة في نفوس، وممتعة في الأسماع، ناظ—رة في الروح واللسان،وقد وصفها الأدباء والشعراء والفضلاء ببلاغة الألفاظ وحلاوة العبارات ورقة الكلمات وقالوا فيها ((بغداد جنة الارض, ومدينة السلام، وقبة الاسلام، ومجمع الرافدين وغرة البلاد، وعين العراق، ودار الخلافة، ومجمع المحاسن والطيبات، ومعدن الظرائف واللطائف)).
وقال المؤرخ اليعقوبي (ت. 284 هـ) في بغداد: ((أنها المدينة العظى التي ليسلها نظير في مشارق الأرض ومغاربها)).
ولقد أشتهرت مدينة بغداد في الولايات العربية الإسلامية من الذكر الجميل، والخبر الجليل الذائع الصيت، وهي بحق ذات المجد الأثيل والتمدن الأصيل، وقد شغلت بغداد منذ تاسيسها عام 145 هـ / 760 م أقلام وعقول المؤرخين والأدباء والرحالة والشعراء والمؤلفين وشد إليها كل العشاق الرحالة النصارى واليهود من الأوروبيين منذ القرن السابع عشر الميلادي لزيارتها والمكوث فيها، ووصفها بكل لغات العالم لما تستحق من التمجيد والتعظيم والتفاخر والتباهي.
مدينة بغداد عروس المدن الكبرى في كل شيء ووصفها المؤرخ أحمد بن واضح اليعقوبي وقال عنه:((حسنت أخلاق أهلها ونظرت وجوههم وانفتقت أذهانهم حتى فضلوا الناس في العلم والفهم والأدب والنظروالتميز والتجارات والصناعات والمكاسب والحذق في كل مناظرة وإحكام كل مهنة وأتقان كل صنعة،فليس عالم أعلم من عالمهم ولا أروى من راويتهم ولا أجدل من متكلمهم ولا اعرب من نحويهم ولا أصح من قرائهم ولا أمهر من متطببهم ولا أعبد من عابدهم ولا أروع من زاهدهم ولا أفقه من حاكمهم ولا أخطب من خطيبهم ولا أشعر في شاعرهم)).