كان لموسم الحج أثر كبير على مصير الرسالة الإسلامية، فالرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولمدة عشرة سنين قبل الهجرة، وجد في أيام الحج فرصته المثالية في الإعلان عن نفسه ودعوته، وكان صلى الله عليه وآله وسلم يحرص على أن يشهد عكاظ ومجنة وذي المجاز، وأيام الحج، وعلى الرغم من أن دعوته لم تلق آنذاك صدى كبيراً عند القبائل، إلا أن لقائه بأنصاره من الأوس والخزرج كان في موسم الحج، وفيه تمت بيعتا العقبة الأولى والثانية، واللتان كان لهما دورهما في نشر الدعوة الإسلامية.
ويعد موضوع إمارة الحج من الموضوعات المهمة، فهو يتعلق بأحد أركان الاسلام ومسؤولية إقامة الحج وإمارته كبيرة، حتى أن اليعقوبي قال: “إنما تحق الخلافة لمن كان الحرمان في يده، ولمن أقام الحج بالناس” . وتحمل هذه العبارة الكثير من الدلالات على أهمية إمارة الحج في التاريخ الإسلامي، وكان ذلك من أهم الاسباب التي دعتني إلى اختيار هذا الموضوع، فضلاً عن أن هذا الموضوع “إمارة الحج في الدولة العربية الاسلامية” لم يسبق أن كتب فيه، حسب علمي، سوى مقالة للدكتور بدري محمد فهد بعنوان “تاريخ أمراء الحج” ، والتي لم يتناول فيها إلا استعراض سريع لأسماء أمراء الحج فحسب، ولاسيما خلال الحقبة التي تصديت لكتابتها، لذا فإن هذا الموضوع يحمل في طياته الجدة والأصالة، الأمر الذي يستوجب من الباحث الاستعداد لبذل الجهود المضنية قبل الخوض في مثل هكذا موضوعات.