تطرح هذه الدراسة إشكالية الحكم على ماضي المسلمين، واتخاذه منطلقا لوحدتهم في الحاضر والمستقبل، وتحديدا الخلاف بين الفرق والمذاهب العقدية، المعروفة اليوم بـ الطوائف الإسلامية في تقييم الجيل الأول من أجيال هذه الأمة، ألا وهو جيل الصحابة، ولما كانت النظرة إلى الصحابة عقيدة من العقائد الدينية عند المسلمين، فإن من الضروري إبرازها في إطار دراسات عقدية – حديثية، وتاريخية، تظهر عمليـة التكامل بين هــذه العلوم الثلاثــة: العقيــدة، والحديــث، والتاريــخ، للكشف عــن الحقيقـــــــة، ونفض الغبــار عنهـــا، وبنــاء هرم الوحدة الشامخ على قواعدها المتينة.
وتثير بعض الكتب التاريخية الجدل بين الباحثين؛ لما تحتويه من أخبار تاريخية كثير منها ظاهر البطلان، وبعضها مشكوك فيه، يحتاج إلى بحث و اجتهاد لتمييز صحيحها من سقيمها، ولما يكتنف مؤلفيها من غموض و شكوك؛ ولهذا فقد سعينا لتقديم دراسة نقدية عامة للكتب التاريخية، بقصد الكشف عن جوانب من أخطائها ونقائصها، و التعرف على مؤلفيها الحقيقيين، وبيان انعكاس عمليات غربلة التاريخ، وتنقيته من الدخيل، في الكشف عن حقائق التاريخ الإسلامي، وتحليل أحداثه، وتقييم أعلامه، وتثمين جهودهم، وتقدير ما قدموه من خدمات لأمتهم والبشرية جمعاء.
ولا يخفى أن مكتبة التاريخ تضم كنوزا ثمينة، ومعادن نفيسة، وان على من أراد استخراج سبائكها تخليصها من التراب العالق بها، ومن رام قطف زهر حدائقها أن يحذر أشواكها.