هذا الكتاب إطلاقه ذات مذاق خاص على عالم التاريخ، دراية ورواية، فهو ليس عن التاريخ كروايات تدول حول “بطل” هو غالباً حاكم، حيث تكاد الكتابة التاريخية العربية تكون – حتى وقت قريب – تاريخ القصور لا تاريخ الشوارع. والكتاب يعكس رؤية كاتبه لما ينبغي أن يكون عليه “التأريخ”، وما ينبغي أن يتسلح به المؤرخ، فضلاً عن رؤية واضحة لمكان التاريخ من البناء الأكبر “الثقافة العربية”.
ومن الوجوه التي نصادفها في الكتاب الشيخ سلطان القاسمي أمير الشارقة، وهو يكتب عنه بوصفه استثناءاً تاريخياً، كونه جمع بين الحسنيين: “الحكم” و”الحكمة”. يقول النجار : “لقد علمنا التاريخ المعاصر أن الحكم وثقل مسؤولياته لا يمكن أن يجتمع مع التفرغ العلمي وما يلحق صاحبه من تبعات”. “ولكل قاعدة استثناء. ويأتي صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي ……. حاكم الشارقة على رأس ذلك الاستثناء. فقد جمع الحسنين : العلم والحكم معاً”.
والكتاب يضم عدداً من الدراسات المتميزة حول صفحات من تاريخ الخليج، لكنه في الوقت نفسه، يناقش بعض القضايا النظرية في تاريخ، وعلاقته بالسياقين : الجغرافي والتاريخي اللذين شكلاً هذا التاريخ. يقول النجار : “هناك جملة من الحقائق والمسلمات التاريخية لا بد من الأخذ بها قبل الكتابة في تاريخ أية بقعة من الوطن العربي، هي أن تاريخ الأمة العربية كلٌّ لا يتجزأ وأن الكتابة في تاريخ الإقليم أو القطر أو المدينة لا يعني أن تلك البقاع عاشت بمعزل عن حركة التاريخ الذاتية للأمة العربية”.
وهو إلى جانب تأكيده ضرورة عروبة تاريخ الخليج يختفي بدراسات “تدعو إلى تأكيد تاريخ شعوب الخليج العربي، لا تاريخ الحكام أو الأسر أو الطائفة أو القبيلة، لأن دراسة التاريخ من تلك الزوايا تورث التجزئة”.