إن الإسهام الحضاري والعلمي للصحابة رضي الله عنهم كان بحق نقطة تحول هامة في حركة الدعوة الإسلامية, وفي حياة جزيرة العرب الدينية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية, بل وفي مسار اليقظة العربية والإسلامية, وفي التاريخ الديني للعالم, وقد كان اصحابه رضي الله عنهم ممن عرفوا بطول الباع في العلم والعمل والدعوة والجهاد, ولزوم الكتاب والسنة, حتى كان كل واحد منهم أمة وحده؛ وكيف لا, وقد كانوا سمع امتهم وبصرها؟! وكانوا سادة المفتين, وخير مبلغ لهذا الدين, التقوا على مفاهيم الإسلام, وأنه هو المخلص الوحيد للبشرية. وما لبثت هذه الكوكبة أن امتد تأثيرها, واتسعت أنشطتها, وتنامت أعداد المستجيبين لدعوتها, رغم العراقيل الشديدة, والمثبطات الهائلة التي جابهتها, لكنهم أهل حكمة نافذة, ورأي في الصفوف, فآمن بإيمانهم الناس. ونجحوا في تحديد الطرق, ووضع القواعد, وإرساء التقاليد لانطلاقة شاملة تربط بين الدين والدنيا, وتحقق الخير للفرد والمجتمع. إن أمتنا هي أمة العلم والفكر والمعرفة والحضارة.