كان للإنسان في سورية دورٌ فعالٌ في تاريخ الشرق القديم إذ كان يعيش في خضم الأحداث السياسية فاعلاً ومتفاعلاً في عصور التنافس السياسي والاقتصادي والصراع للسيطرة على طرق التجارة الخاصة التي كانت همزة وصل بين بلاد وادي الرافدين وبلاد وادي النيل واسيا الصغرى في العصور التاريخية. وكان على سكان سورية ان يتعاملوا لأسباب اقتصادية مع جيرانهم في بلاد وادي الرافدين وبلاد وادي النيل ولأسباب معاشيه مع جيرانهم في شبه الجزيرة العربية، لان هؤلاء كانوا لا ينفكون من رفد مناطق الهلال الخصيب وبلاد وادي النيل بعناصر سكانية جديدة بين الحين والآخر سواء عن طريق التسلل البطيء كجماعات وأفراد قليلة العدد أم عن طريق الهجرات الكبيرة التي كانت تغزو سورية وبلاد الرافدين وتتخذها موطنًا دائمًا لها بعد ان تتمدن وتستقر. وقد أدى هذا التفاعل بين سكان سورية وجيرانهم إلى نشوء حركة نشطة في منطقتهم لم تعرف الهدوء والركون إلى السكينة ترجمها السكان إلى نشاط حضاري عاد عليهم بالمنفعة وجعل منهم تجار المنطقة الأوائل في البر وفي البحر ولكنه لم يحملهم على إقامة دولة قوية واحدة على غرار المناطق المجاورة في بلاد وادي الرافدين وبلاد وادي النيل واسيا الصغرى، فكانت سورية ساحة كبيرة لصراع الدول المجاورة العظمى في أوقات عدة ومرتعًا لجيوشها الغازية أو المتناحرة، ولكنها كانت في الوقت نفسه وسيطًا ناجحًا في المجال الحضاري والاقتصادي وأرضًا خصبه للتلاقح الحضاري والفكري ولنشأة العقائد الدينية التوحيدية والوثنية وأدب الملاحم الأسطورية.
ونظرًا لأهمية سورية الاقتصادية والسياسية والإستراتيجية فضلاً عن كونها مركز الإمبراطورية السلوقية التي اصطدم معها الرومان مدة غير قليلة، فقد أخذت حيزًا كبيرًا من تفكير الرومان ومخططاتهم مما جعل أنظارهم تتجه إليها لان السيطرة عليها تعني السيطرة على منطقة غرب آسيا والساحل الشرقي للبحر المتوسط، فضلاً عن حماية النفوذ الروماني، لذلك تم احتلالها من الإمبراطورية الرومانية عام (64 ق.م) وجعلها ولاية رومانية.