هذا الكتاب محاولة لدراسة القرآن الكريم دراسة تربوية علمية ، تستهدف أولاً استنباط تطبيقات تربوية لآياته الكونية ، وتعزيز الثقافة العلمية بآياته الكونية ثانياً ، والآيات الكونية هي الآيات التي ذكرت الكون بأجرامه كالأرض والشمس والقمر والنجوم ، وظواهره كالليل والنهار، والشروق والغروب ، تم تحديد بعضها قصدياً، ثم الذهاب إلى مجموعة من كتب التفسير للوقوف أمام بعض معانيها الجليلة، ثم الانطلاق باتجاهين: الأول استنباط تطبيقات تربوية منها للمعلم والمتعلم وواضع المنهج والمرشد في البيت أو المدرسة أو المجتمع، والثاني تعزيز الثقافة العلمية (التي يغلب عليها الجانب المعرفي ) بهذه الآيات الكونية لتضاف لها جوانب أخرى كالجانب الوجداني والمهاري، وكان أساس الفكرة الرجوع إلى القرآن الكريم في وضع برامج التربية،حيث تحدد فلسفة التربية الإسلامية مصدرين للمعرفة هما: الوحي (المتمثل بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة) والكون(بأجرامه وظواهره وقوانينه) ، وينبغي الرجوع لهذين المصدرين في تحديد برامج التربية بأهدافها وقيمها وأساليبها وما يصلح ومالا يصلح في مجتمعنا العربي المسلم، ولا يجوز التغافل عن أحدهما فتُقطع صلة المجتمع بأساسه أو بحاضره ، أما الفلاسفة، سواء القدامى منهم أو المحدثين فقد اقتصروا في استنباط أفكارهم على النظر في الكون واستخدام العقل، وشاعت الدراسات التربوية التي سلكت هذا المسلك في كلياتنا وجامعاتنا ، بينما القرآن الكريم فيه من برامج التربية ما يغني عن الرجوع إلى تلك الفلسفات، كيف لا وهو كتاب رب العالمين الذي خلق الإنسان وهو أعلم بما يصلح حاله ومآله، .