إن المتأمل لتاريخ البحث العلمي في مجال التدريب الرياضي سيقف على حقيقة مفادها أن البحث العلمي كان دائما محكوما بسقف معرفي محدد، فالسقف المعرفي الأول كان محددا في الإطار التقني والبدني والتكتيكي، فكانت جل الأبحاث العلمية التي أُنتجت من نظريات ومفاهيم ومقاربات تمت تحت هذا الإطار المعرفي العام (الإطار التقني والبدني والتكتيكي)، ثم بعد ذلك ظهر سقف معرفي ٱخر تجلى في الإطار النفسي والذهني، فكانت الأبحاث العلمية كذلك محكومة بهذا السقف المعرفي، وأما الإطار المعرفي الحالي تمثل في الإطار الأخلاقي، وهذا هو الرهان الآني للبحث العلمي في مجال الرياضة صنف التدريب، من هنا كانت مجموعة من الإشكاليات تفرض نفسها بقوة أمام الباحثين، ومنها: هل يمكن تلقين القيم الأخلاقية للرياضيين من خلال الأنشطة الرياضية؟ ما هي القيم الأخلاقية المراد تلقينها للرياضيين؟ على أي أساس مرجعي سيتم تحديد هذه المفاهيم الأخلاقية؟ كيف يمكن تلقين القيم الأخلاقية للرياضيين من خلال الأنشطة الرياضية الفردية والجماعية؟ كيف يمكن برمجة القيم الأخلاقية إلى جانب البرامج التقنية، والبدنية، والتكتيكية، والنفسية في الحصص التدريبية؟ كيف يمكن اختيار هذه القيم على أساس أن تتناسب مع الطبيعة النفسية والسلوكية للرياضيين (فئة الناشئين، وفئة الكبار)، وعلى أن تكون منسجمة مع الاستحقاقات الرياضية المنتظرة؟ كل هذه الأسئلة وغيرها سنقدم لها إجابات دقيقة في كتاب: “القيم الرياضية”، وللإشارة فالكتاب هو الأول من نوعه على مستوى العالم العربي، إذ يُسلط الضوء على إمكانية تلقين القيم الأخلاقية من خلال الأنشطة الرياضية، وعلى أن النشاط الرياضي أصبح وسيلة ضرورية لمعالجة الوضعية القيمية للرياضيين، وكذلك مصدرا لإشباع حاجياتهم الأخلاقية، ولتفعيل هذا التوجه الجديد في تلقين القيم من داخل السياق الرياضي، جاء هذا الكتاب ليقدم مقاربة أخلاقية، تهدف إلى برمجة الأبعاد القيمية أثناء التدريب الرياضي، …
…..