ينطلق البحث من حقيقة إن العرب أمة حضارية ورقي عقلي حتى عصرها الذي سبق ظهور الإسلام وقد تمثلت تلك الحضارة في البيان القولي ( الشعر والخطابة ) وما يصدر عنهم من حكمة ، وتفاعل مع الأمم الأخرى في ميادين المدينة وضروب الصراع مع الطبيعة التي صيرتهم رجالاً أشداء يضرب المثل بفروسيتهم وشجاعتهم . وبعد أن أطل الإسلام بفجر عقيدة السماء تحرر العقل الإنساني من ضلال الجاهلية وامتدت له الآفاق في العمل والجهاد والبناء بدأ التحول الهائل في حياة الأمة الحضاري ، فاتسعت رقعة الأقاليم التي أضاء فيها الإسلام نوره ، وأخذت القرون من السنين تشهد حضارة كبيرة بلغت أوج ازدهارها في عصر بني العباس بعد أن تأسست على ما ترك الماضي من ارث متطور ومتجدد في عالم المعرفة ، ومناهج التجريب ، والتأليف من غير أن يغفل الخلفاء والولاة وذوي الجاه والعلماء وعامة الناس الحياة جانبها الآخر وهو ممارسة الترويح عن النفس، وضروب التسلية في مختلف فنونها السائدة آنذاك لاسيما في جانبها الترويحي الذي يمنح الوقت لراحة العقل ، ويقوي القلب والبدن ، ويمنح الجوارح المتعة والراحة ومعدن السرور والفرح، دون أن يمس الشعائر الدينية أو الأخلاق….
…..