يقوم النشاط الصناعي حيثما يرغب الإنسان في توقيعه، إلا أنه لا يتوطن إلاّ عندما تقام الصناعات في مواقعها المناسبة التي تتيسر لها كل أو أغلب مقومات توطنها. ورغبة الإنسان في اختيار مواقع صناعاته تبنى على عدة اعتبارات، يأتي في مقدمتها تحقيق قدر معقول من الربحية الاقتصادية. وفي الغالب فإن من العسير حصول ذلك ما لم تتهيأ للصناعة متطلبات موقعية عديدة في الموقع. ومتطلبات قيام وتوطن الصناعة قابلة للاستبدال Substitution، فيعوض انخفاض كلفة أحدها عن ارتفاع كلفة آخر. وهي أيضاً ليست في حالة ثبات، فتتغير مع التطور الحضاري والعلمي الذي يبنيه الإنسان، وبتغير أحوال السكان.
والصناعات تتباين مع بعضها في أنواع ومقدار متطلباتها منها، كما تتباين الأقاليم والبلدان في قدرتها على إمداد الصناعة عامة أو بعض فروعها بمتطلباتها، ولذلك فلا بد من اختيار نوع وحجم وموقع مناسب للصناعة، مما يتطلب تهيئة خلفية نظرية لتعريف كل عامل? من عوامل قيام الصناعة ودوره في قيامها وتوطنها وفي تحديد مواقعها.