تنامت ظاهرة اهتمام الشعراء بنقد الشعر في العصر العباسي، وبرزت فيه ظاهرة نقد الشعر بالشعر، وكان لأبي تمام قصب السبق في ذلك، ثم تلاه تلميذه البحتري، وكان لابن الرومي آراء ومواقف نقدية واضحة في ديوانه، وقد تجاوز بعض الشعراء ظاهرة نقد الشعر بالشعر إلى المساهمة والمشاركة في الحركة النقدية فكتب كثير منهم في قضايا الشعر ونقده، وحملت لنا الأخبار أنواعا من النقد الذي مارسه الشعراء، مثلما فعل ابن رشيق القيرواني، وأبو العلاء المعري، والشريف المرتضى وغيرهم.
وقد تحدث الباحثون عن بعض الشعراء النقاد، وبينوا آراءهم النقدية؛ فقد تحدث جاسر أبوصفية عن ابن الرومي ناقدا، وتحدث محمد السماعنة وأحلام الزبن عن أبي تمام ناقدا، وتحدث صالح شتيوي عن الشريف المرتضى ناقدا، وتحدث وليد محمود خالص عن أبي العلاء المعري ناقدا، وتحدث فاروق إسليم عن الشاعر ناقدا المعري وابن الخطيب نموذجا، وتحدث ليث ضاري عن عبد الله بن المعتز ناقدا…
وتسعى هذه الدراسة إلى محاولة إماطة اللثام عن آراء المتنبي النقدية؛ والكشف عن النزعة النقدية عنده، والقضايا النقدية التي تناولها في شعره، وهي قضايا تداولها النقاد في عصره من مثل: اللفظ والمعنى، والصدق، والمتلقي، وحوافز الشعر ومانعاته، وسيرورة الشعر…وغيرها،