فالعربية لغة القرآن، رفع الله لواءها بذكرها، والحفاظ عليها فريضة، وهذا يدل على شرفها وعلو منزلتها ، وهي جزء من الذات ومظهر أصالة كل شعب،و مصدر إضاءة وإشعاع ونور لكل البشرية, بل اللغة الوجه الثاني للفكر والعقل وآلة الترقي والتقدم, هي التي تعطي العلومَ منازلها، قال عزّ من قائل: “الرَّحْمَنُ عَلَّمَ القُرْآنَ، خَلَقَ الإنْسَانَ، عَلَّمَهُ البَيَانَ” “الرحمن1-4″، فلولاها ما صحَّ من العاقل أن يَفْتُق عن أزاهير العقلِ كمائمه، ولتعطَّلَت قُوَى الخواطر والأفكار من معانيها، هي لغة العقل الداخلية التي تمكّن الأنساق العقلية من أن تواصل الأفكار فيما بينها وتتبادل المعلومات وتخزنها في المعهود الذهني، اللغة العربية هي المستودع الكبير و الترسانة الثقافية التي تبني الأمة وتحمي كيانها، قال فيلسوف الألمان فيخته:” اللغة تجعل من الأمة الناطقة بها كلاً متراصاً خاضعاً لقوانينها، وهي الرابطة الحقيقية بين عالم الأجسام وعالم الأذهان ” من هنا يرى الباحثون أن ” اللغة ” و ” المجتمع ” و ” الحضارة ” ظواهر متداخلة ينبني بعضها على بعض، وتتأثر إحداها بالأخرى، ولقد اهتم علماؤنا اهتمامًا عظيمًا باللغة العربية، وتَحَدَّثُوا عن محاسن وخصائص اللغة العربية وتطبيقاتها ومهاراتها, وبيان ما فيها من جمال الألفاظ وسحر المعاني، لا يتسع المقام في مثل هذا الكتاب للإفاضة فيه، وإنما نشير إلى لمحات وإشارات واضاءات سريعة لنكشف عن اسرارها وخصائصها المستقاة من القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف وأقوال العرب وشعرهم ونثرهم،