اصبحت التكنولوجيا النووية وامتلاك قدراتها عاملا مها في تحديد مكانة الدولة، وما يمكن ان تحصل عليه من مكاسب او امتيازات في مواجهة خصومها والتهديدات الموجهة الى نظامها السياسي، وهذا ما جعل من العديد من الدول تسعى الى امتلاك التكنولوجيا النووية والاستفادة منها في مختلف المجالات، الا ان هذا السعي اصبح اليوم مشكلة كبرى للعديد من الدول وبات التهديد والوعيد لغة واضحة في محاولة لمنع او قمع الدول الساعية لامتلاك هذه الطاقة او محاولة الاستفادة منها ومن هنا جاء ت هذه الدراسة عن البرنامج النووي الايراني.
ان محاولة الالمام بالاهداف الايرانية من وراء برنامجها النووي محاولة صعبة نوعا ما فالدول غالباً لاتكشف عن اهدافها وطموحاتها بسهولة وخصوصا اذا كانت تواجه تحديات وتهديدات من مختلف الاطراف التي تتخوف من هذه الطموحات والبرامج، الا ان الدراسة حاولت الاحاطة ببعض الاهداف المعلنة عن البرنامج الايراني دون اغفال مايمكن ان تنطوي عليه الطموحات الايرانية اذا كانت بنوايا غير معلنة من مخاطر وتحديات آنية ومستقبلية.
لقد سعت الدراسة الى محاولة تتبع دور الدول الغربية في تمكين ايران في عهد الشاه من السير في طريق امتلاك بعض المفاصل المهمة في ميدان الطاقة النووية وخصوصا الشركات الالمانية التي كانت عنصرا مهما في البرنامج الايراني دون اغفال دور الولايات المتحدة التي كانت الداعم الرئيس للشاه في طموحاته وتطلعاته.
اذا كانت الولايات المتحدة هي من حفز الشاه في مجال الطاقة النووية، لماذا تغيرت هذه الرؤية بعد الثورة الاسلامية عام1979 هل هو اختلاف مصالح ام اختلاف اولويات؟ ولماذا هذه التحركات اليوم لمنع ايران من امتلاك التقنية النووية؟
وتركز الدراسة على التداعيات الدولية، فقد ظهر تباين واضح بين الدول الغربية حول تحديد الدوافع الايرانية من امتلاك القدرات النووية، ففي الوقت الذي دعمت فيه روسيا ايران في جهودها لامتلاك محطات الطاقة النووية وخصوصا في مفاعل بوشهر نجد ان هناك دولاً اخرى تباينت مواقفها بشكل واضح من البرنامج الايراني وظهر تكتل اوربي ثلاثي حاول التوصل الى تسوية مع الايرانيين حول البرنامج ودخلت الوكالة الدولية للطاقة الذرية كطرف مساعد في هذه الجهود الا ان التعثر الذي ميز هذه الجهود اوجد بعض التطابق في وجهات النظر بين الدول الاوربية والولايات المتحدة واصبح الاتفاق جليا في العديد من الخطوات بين الجانبين وخصوصا في فرض اكثر من حزمة من العقوبات الاقتصادية، على الرغم من انها لم تنه التهديد الامريكي الصريح والضمني باحتمال استخدام القوة في حالة فشل المعالجات الاخرى.وهذا مايجعل من امكانية المواجهة العسكرية امرا واردا يوما بعد يوم.ولهذ لابد من التعرف على الرؤية الامريكية وامكانية الخيارات المختلفة وامكانية الرد الايراني ومستوياته.