مظفر النواب, يشكلُ ظاهرة شعرية فريدةً في الشعر العربي المعاصر, صوت مظفر في فرادته واختلافه , وإن تشابه صوته أحياناً و أصوات شعراء المعارضة والاحتجاج مثل ابن مفرغ الحُميري وأبي الطيب المتنبي وبشار بن برد . يتشابه صوته الشعري وأصوات هؤلاء ولكنه يختلف عنهم في أنه ؛ في هجائه ؛ بلغ مدى لم يبلغه أي منهم, ويختلف عن بعض هؤلاء , في أنهُ – حتى الآن – لم يمدح حاكماً من الحُكام . ولئن كان مظفر يستعيرُ من المتنبي مفرداته القاسية لهجاء الحُكام ليهجوَ بها الحُكام المعاصرين , فإنه ينميها ويزيد عليها , وفي الوقت نفسه لا يمدح هؤلاء إن وعدوه ببعض العطايا.
والذي لا شك فيه هو أن مظفرا ليس شاعر هجاء وحسب , فأشعاره لا تخلو من قصائدٍ يتغزل فيها بالخمر , وأخرى يعبر فيها عن حبه لهذه المدينة أو تلك . وهو فوق هذا ذو خيال شعري يضاهي خيالَ كبارِ شعراءِ العربيةِ المعاصرينَ , إذ غالباً ما يلجأُ إلى التعبير من خلال الصورة , أو من خلال استعارةِ رموزٍ تاريخيةٍ لها في الواقع المعاصرِ ما يشبهها تجربة أو سلوكاً , وهو في هذا يبتعدُ عن المباشرة في القول , ويُغني نصه الشعري ليصبحَ من النصوصِ الممتلئةِ التي يقفُ أمامها المرءُ طويلا ؛ ويقول فيها الشيء الكثير . و إذا ما التفتنا إلى لغته وجدنا أنفسنا أمام لغة شاعر قرأ تراثه و تأثرَ بِه وكتب بلغة على قدرٍ من الفصاحةِ حتى ليَجِدُ فيها القارئُ – غيرَ المطلعِ جيداً على التراث؛ لغة لا تخلو من صعوبة …….