دخل مفهوم الإصلاح, وخاصة في بعده السياسي ,دائرة السجالات الفكرية,وأصبح المفردة الأكثر شيوعا في الخطابات الرسمية وغير الرسمية.وظهرت موجات من التعاريف,ونزعة بيانية في توظيف الإصلاح,الذي بات وكأنه في ذاته يحمل حلولاً لكل مشاكلنا وهمومنا المعقدة التي أنتجتها سياسات الفساد السياسي والاقتصادي وغيره في بلادنا طيلة العقود الماضية.فلم يسبق إن كانت النظم السياسية العربية أمام مطلب الإصلاح عليها مثلما هي عليه اليوم.وليس معنى ذلك إن هذا المطلب بجديد على وجه المشهد السياسي العربي,أو إن فكرة الإصلاح السياسي لم تكن مدرجة-قبل هذا التاريخ- في جدول أعمال الحركات الشعبية العربية,بل يعني –في المقام الأول– إن النخب الحاكمة في البلدان العربية لم تكن نفسها معنية بالتعاطي مع هذا المطلب إلا بعد إن اقترن بالضغط الأجنبي وقدم نفسه في صورة إملاءات مقرونة بغير قليل من التهديد. ظلت تلك النخب تتجاهل إلى حد كبير مطلب داخلها الاجتماعي بوجوب تحقيق إصلاحات في النظام السياسي,ولم تتورع –في أحيان عديدة – عن مواجهة تلك المطالب بالشدة والقسوة,ومالت في حالات أخرى إلى استيعاب بعض تلك المطالب والتحايل عليها وتزويرها,فيما ظلت –في حالات نادرة – قادرة على احتوائها من خلال تحقيق بعضها شكليا وصولاً إلى إجهاضها.وهذا أيضا من مفارقات السياسة الرسمية العربية.