تجربة الغربة تجربة راسخة في الشعر منذ امرئ القيس حتى آخر شاعر في القرن الحادي والعشرين. وقد تأكَّدت هذه التجربة في الشعر الحديث والمعاصر، وبدا أنَّ تعامل الشعراء معها كان ينطلق من وعي بها، مع تفاوت في مستوى ذلك الوعي بين الشعراء.
وتنماز تجربة الغربة من تجاربَ شعريَّةٍ أخرى بالصدق، الذي نعدُّه مقوِّمًا أساسيًّا في شعر الغربة، ذلك أنَّ الشاعر إذا وصف غربته أو حنَّ إلى وطنه لم يكن يقصد إلى ذلك نفاقًا لأحد ولا رياء، ولم يبغ وراء ذلك منصبًا ولا مالاً؛ فيأتي شعره بعيدًا عمَّا يعتور الشعر من زخرف وتكلُّف.
وبقراءتنا شعر الغربة وجدناه ينطوي على خصائص أسلوبيَّة تميِّزه عن الشعر الذي لا يتناول الغربة أو يصدر عنها. وجدير بشعرٍ هذه صفاتُه أن يُتتبَّع ويُدرس، فكانت دراستنا هذه، وكان منهجنا منهج التحليل الأسلوبيّ، المنهج المقتضَى والقادر على إبراز تلك الخصائص.