أدرك علماؤنا القدامى الصّلة بين التّغيّرات الصّرفيّة في بناء الكلمة والعمليّات الصّوتيّة، واتّضح عمق هذه الصّلة عند المحدثين عندما توصّلوا إلى حقيقةٍ مفادها أنّ الصّرف لا يمكن استيعابه حقّ الاستيعاب بمعزل عن الأصوات، وأصبح ذلك واقعًا مسلّمًا به في الدّرس اللغوي. وليس من شكٍّ أنّ صلة الأصوات بالدّرس النّحوي لم تكن أقلّ حضورًا أو أهمّيّة عمّا عليه الحال في الدّرس الصّرفي، هذه الصّلة التي لم يلتفت إليها القدامى واتّجهوا بالظاهرة النّحويّة عند التّحليل والتّقعيد بعيدا عن النّظر الصّوتي. فجاءت هذه الدّراسة لكشف النّقاب عن حقيقة الصّلة بين النّحو والأصوات، ووجدنا أنّ علامات الإعراب والبناء، وما يندرج تحتهما من موضوعات نحويّة من أهمّ النّقاط التي يلتقي فيها البعدان الصّوتي والنّحوي.
لقد كان من أبرز ما دفعنا إلى الخوض في ذلك الموضوع مقولات لبعض المحدثين من أنّ القدماء لم ينتبهوا على الارتباط بين علمي الصّوت والنّحو – وذلك واضح في تآليفهم- لاستحواذ النّظر النّحوي على دراساتهم، فأصبحت هي الأظهر في أذهانهم. فيقينا أنّهم وقفوا على ما يجمع مباحث الصّرف بعلم الصّوت، لكنّهم لم يقفوا على ما يجمع مباحث النّحو بعلم الصّوت.