مما لا شك فيه أن موضوع للتدخلات الطبية (بصورة عامة) يُعد من أكثر الموضوعات التي أثارت منذ عهد بعيد, وما زالت كثيراً من الجدل, والنقاش, والاجتهاد في مجال الفقه القانوني, والتطبيق القضائي، فضلًا عن ذلك الخلاف بين فقهاء القانون, وبين الأطباء بشأن المستجدات الطبية الحديثة وعلى وجه الخصوص التدخلات الطبية الماسة بالجنين, والتي تعد أهم الاكتشافات الطبية الحديثة, التي جَلبت اُفقاً جديدة للحياة البشرية، في إعطاء الإنسان (الذي هو الوسيلة والغاية في هذه الحياة) أمــلاً بتجدد الحياة واستمرار الذرية.
فلم تعد طرق الإنجاب متمثلة بالطرق التقليدية وحسب, بل تغيرت تغيّراً جوهرياً؛ نتيجة التقدم العلمي في المجال البيولوجي, وأحدثت ” ثورة ” اجتماعية بكل ما تحمله الكلمة من معنى, أو انقلابٍ على كثير من التقاليد والعادات التي استقرت داخل مجتمعاتنا بحكم قواعد الدين, والأخلاق من ناحية, وقواعد القانون من ناحية أُخرى, واستمرارية هذا التقدم هو ما زاد من خطورة هذه الثورة .
وعلى الرغم من الأهمية, والفوائد التي تتضمنها هذه التدخلات الطبية, فإنها أصبحت اليوم تبرز نوعاً من الخطورة على الإنسان, وتشكل له نوعاً من الإهانة لكرامتهِ الإنسانية، حيث جعلتهُ عُرضة للاتجار والممارسات غير المشروعة, عن طريق إجراء الكثير من التدخلات التي ظهرت نتيجة الإخصاب الصناعي: كالتلاعب بمكونات الخلية الجنسية, والتي يتكون منها الجنين عن طريق التشخيص الجيني, أو ما يعرف بهندسة الجينات, فيقوم الأطباء بإدخال جينات معينة في الخلية, أو حذف جينات مريضة ومعيبة, وقد يعمد الطبيب إلى الدمج بين خلية حيوانية, وخلية إنسانية, وقد ينتج عن خلط الجينات ظهور عدد كبير من الأطفال المشوهين والمسوخ….