ولد العنف مع ميلاد الجنس البشري في هذا الكون مرتبطاً بالثيولوجيا والتكوين؛ لذا فإنَّه وجد مع بداية التاريخ الإنساني، بل كان يمثل في أحيان كثيرة المظهر الذي ينسب إليه الأبطال والفاتحون. ويظل السؤال الذي بدأت فيه الجماعات البشرية تطرحه منذ ذلك الوقت. لماذا أصبح العنف في العالم يمثل مشكلة وأزمة دوليتين منذ بداية القرن التاسع عشر؟، حيث اتَّجهت الأنظار إلى هذه الظاهرة كونها حقيقة أصبحت موجودة، وأن معالجتها لا تتم إلا بتحديد مصطلحها، ومعرفة أسبابها، وبالتالي الوصول إلى جوهرها وتأثيراتها وكيفية القضاء عليها، ولن يكون ذلك ناجعاً إلا إذا كانت المقارنة علمية وموضوعية.
إنَّ من أهم خصائص الإرهاب كعمل إجرامي هو استخدام العنف، فالإرهاب يقوم أساساً على استخدام العنف أو التهديد باستخدامه، ويظهر ذلك جلياً في اقتران العمل الإرهابي دائماً بطابع الوحشية لإثارة الرعب في النفوس بالإضافة إلى أنها ترتكب في إطار منظم، إذا يتميز العمل الإرهابي بالتنظيم والتخطيط المسبقين سواء قام به فرد أو جماعة أو دولة.
وتمارس ظاهرة الإرهاب من خلال أساليب واستراتيجيات متنوعة وبعيدة المدى؛ لذلك لا بدَّ من إلقاء الضوء على الأسباب التي أدت إلى استفحال هذه الظاهرة ومعرفة أنواعها وصورها ومدى تأثر النظام الاجتماعي بأكمله وبمفهومه العريض الذي يتضمن العلاقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.. …..