كان للسياسة التي أتبعها الخلفاء والأمراء والسلاطين في كل بلد أو إقليم يتم فتحه أهمية كبيرة في نشر الإسلام واللغة العربية، من خلال إرسال الصحابة والتابعين والعلماء والدعاة إلى هذه الأقاليم والبلدان، لنشر الإسلام، وتعليم القرآن الكريم سنة الرسول صلى الله عليه وسلم مما أدى إلى النهضة العلمية في هذه الأقاليم والمدن,
والخليج العربي واحد من تلك الأقاليم التي انتشر فيها الإسلام، بل كل سكانه من العرب حملة هذا الدين فبعد أن أسلم أهل الإحساء والهفوف والقطيف والقارة والبحرين وعمان والبصرة واليمامة وكاظمة وغيرها من مدن وقرى الخليج منذ الدعوة الإسلامية، حملوها إلى كل مكان وحملوا معهم لغته التي نشروها في ربوع فارس، ومصر، والعراق، والشام، وبلاد الهند والسند وبلاد أسيا الوسطى بل وفي الصين وأوربا وبلاد المغرب والأندلس، أي أن دورهم الجهادي لا يقل عنه دورهم السياسي والاقتصادي، والأهم دورهم الثقافي الذي بزغ منذ الدعوة الإسلامية بما أسسوه من مساجد وكتاتيب وزوايا وتكايا ومدارس وبما أنفقوه على أهل العلم من علماء وطلاب.
والبحث في تاريخ الخليج العربي خاصة من الناحية الثقافية في العصر العباسي الثاني وهو العصر الذي عانى فيه سكان الخليج من طرق ومذاهب كالقرامطة والإسماعيلية، ولقد أشتد ساعد القرامطة حتى أنهم كونوا لهم دولة في الإحساء واتخذوا من مدينة الهفوف والبحرين والإحساء مواطن لهم ونشروا مذهبهم وأجبروا السكان على دخوله، ولذلك كان مجال البحث عن علماء ومدارس ومذاهب من الأهمية، إلى أن قيض الله تعالى للإسلام دولاً في الخليج تذود عن السنة وتقلع التشيع ومذهب القرامطة كالدولة العيونية والعصفورية التي استطاعت القضاء على القرامطة وأهتم حكامها بالعلم والعلماء وبنو المساجد والمدارس وأنفقوا على العلماء وضيافتهم وعلى الطلاب وأرتاحهم للعلم مما أدى إلى ازدهار الحياة العلمية في الخليج العربي في العصر العباسي الثاني وكان لهذه البقعة (الخليج العربي) ومازال من العالم الإسلامي، بل والعالم كله أهمية سياسية واقتصادية وفكرية خاصة.