طالما درج خطأً، الاعتقاد بأن الماركسية، هي مذهب اقتصادي وحسب، والحقيقة هي أنها فلسفة أو، كما يقول الالمان، Weltanschauung، أي انها مفهوم كامل للعالم والانسان. وربما يرجع تعوُّد اعتبار الماركسية مذهباً اقتصادياً فقط، الى الدور المهم الذي توليه الماركسية للعوامل الاقتصادية في مفهومها للعالم. لكن ماذا تعني الماركسية، حين نقول انها مفهوم للعالم؟ انها تعني رؤية شاملة للطبيعة والانسان، وبالتالي، فهي، بمعنى من المعاني، فلسفة. وهذا المفهوم للعالم فرضته مرحلة، او هو التعبير عنها. فالماركسية ظهرت تاريخياً في مرحلة ظهور الصناعات الكبرى الحديثة، حيث برز صراع الانسان مع الطبيعة. كما أن حقيقة اجتماعية جديدة، وهي البروليتاريا، الطبقة العاملة، التي تتلخص فيها تناقضات المجتمع الجديد، أثّـّرت أيضاً في صياغة المذهب الماركسي. وهكذا، فإن الماركسية ظهرت مع المجتمع، حيث الصناعات الكبرى والبروليتاريا الصناعية، فكانت إدراكاً لعالم يعبر عن هذا المجتمع بتناقضاته وبمشكلاته، ومحاولةً لحل عقلاني لهذه المشكلات. وبقليل من التفكير المنطقي في محتوى الكتاب سيجد القارئ الكريم الإجابة عن كل ما تم اخفاؤه عمداً لكيلا يطلع الجيل الجديد على متناقضات العالم بكل مستوياته فيقف من جديد مع الفكر الاشتراكي الذي ناهض التسلط الديني والعنصرية وتسلط رأس المال وإبقاء العبودية للبشر كصفة لا تنفك عنه وان بـمسميات جديدة.