السلام الدولي في مفهومه العام هو: ابتعاد الدول عن الحروب والمنازعات المسلحة وعيشها بسلام. ولا يعني المنازعات الداخلية. وقانون السلام هو الذي ينظم العلاقات بين الدول وقت السلم. ويمثل مع قانون الحرب القانون الدولي.
وهذا البحث هو محاولة لعرض نظرية السلام الدولي التي جاء بها القانون الإسلامي، وتوضيح أهم أحكامها ومبادئها، وموقف الإسلام من المجتمع الدولي، نهدف من ذلك أن نعرض للعالم قبسا من سمو التشريع الإسلامي الذي يؤكد يوما بعد يوم أن الإنسانية مهما طافت في آفاق خيالها أو عنجهيتها فمآلها إليه؛ لأنه الكفيل بحل مشاكلها.
وإن مما لا ريب فيه أن الإسلام ومنذ القرن السابع للميلاد قد وضع نظاما محكما وأصولا منضبطة لتنظيم العلاقات الإنسانية كافة، مهما يكن نوعها، ومهما يكن أطرافها، في أوقات السلم والحرب. وهذا النظام هو الذي سارت على وفقه الدولة الإسلامية في علاقاتها وتعاملها مع الدول والشعوب الأخرى، والذي بدوره أثر تأثيرا كبيرا لدى تلك الشعوب، بما حملته إليها من حضارة ومناهج تتسم بالعدالة والرقي والواقعية. في وقت كانت الجماعات البشرية خارج الدولة الإسلامية تفتقر إلى شيء من ذلك النظام، فكان لحضارة الإسلام هذه الأثر البالغ في إرساء قواعد القانون الدولي على أسس العدالة والحرية والشورى والفضيلة والمساواة، في وقت لم تكن هذه القواعد القانونية معروفة من قبل.