لم تدرس مادة السياسة الخارجية في الوطن العربي في العشرينات من القرن الماضي كمادة مستقلة، فتارة كانت تدرس في إطار مادة العلاقات الدولية أو مادة السياسة الدولية إلا أن بعض الجامعات العربية بدأت تخطو خطوات جديدة كجامعة بغداد مثلاً- كلية العلوم السياسية – في تدريسها مادة مستقلة لها إطارها العام تدرس على مستوى الدراسات الأولية والدراسات العليا. من هنا رأينا أنه من باب أولى تأليف كتاب في هذا الشأن، يضاف إلى الكتب العلمية التي كتبت من أساتذة أجلاء في الجامعات العربية.
الفرضية الأساسية لدراستنا في السياسة الخارجية، أنه يمكن النظر إليها بوصفها سعيا لإنتاج سلعتين، المحافظة والتغيير، إن سياسة الدولة الخارجية يمكن تصويرها في حيز ثنائي الأبعاد. يصور المحور العمودي مقدار الحفاظ المنشود من قبل الدولة، ويصور المحور الأفقي قدر التغيير. سوف يعكس ملف السياسة الخارجية المقادير الشاملة للحفاظ والتغيير المنشودين من قبل الدولة بوساطة جميع سياساتها إجمالا ويمكن ربطها بنقطة في هذا الحيز. ويمثل المنحنى الممتد من الشمال الغربي تجاه الجنوب الشرقي لمنحنى إمكانية الإنتاج . أو أقصى مقدار من المحافظة والتغيير يمكن توفيره في ضوء إمكانات الدولة المتاحة(بالنسبة لدول أخرى) والتي تم تخصيصها للسياسة الخارجية. وليس من المحتمل أن تكون الدولة قادرة على تبني ملف سياسات سيكون من شأنه إنتاج مزيج من الحفاظ والتغيير أعلى من هذا المنحنى. وفي حالة تبنيها ملفا يضمها تحت المنحى سيكون بمقدورها أن تنتج المزيد من التغيير أو الحفاظ على الوضع القائم. وسوف تعظم الدولة من مكاسب سياستها الخارجية على الحد الأقصى إذا ما ثبت مجموعة السياسات التي تضعها على هذا المنحنى، وعند هذه النقطة، يمكن زيادة التغيير أو الحفاظ فقط كل على حساب الآخر.