تمثل منطقة الشرق الأوسط أهمية كبيرة للولايات المتحدة الامريكية, لارتباطها بمصالحها في المنطقة والتي تعدها مصالح حيوية, ولهذا عدت تهديد هذه المصالح يمثل تهديداً للأمن القومي الامريكي.
و مرحلة ما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بدايات الاهتمام الامريكي بالمنطقة, وطيلة عدة عقود مثل هدف تأمين الحصول على نفط المنطقة, وهدف ضمان أمن اسرائيل وتفوقها, جوهر الأهداف الامريكية في المنطقة. فضلاً عن الأهداف الأخرى والتي تتفاوت درجة أهميتها بحسب طبيعة الهدف, وما يمثله من مصلحة للولايات المتحدة الأمريكية. ومن هذه الأهداف ما يمثل وسيلة للتدخل بشئون دول المنطقة ولتعزيز مصالحها في المنطقة, كهدف محاربة الارهاب, وحظر انتشار أسلحة الدمار الشامل, ونشر الديمقراطية وحقوق الانسان, والتي اتخذتها الولايات المتحدة الامريكية ذرائع للتدخل في شئون الدول التي تعدها معادية لسياستها في المنطقة, أو كورقة ضاغطة على غيرها من الدول.
وما مشاريعها التي قدمتها لتغيير حال المنطقة, كمشروع الشرق الأوسط الكبير ومن ثم الشرق الأوسط الجديد على سبيل المثال لا الحصر, الا أحد وسائلها لتعزيز نفوذها في المنطقة, وتحسين مكانة اسرائيل ودمجها في المنطقة, بعد أن يتم إعادة تشكيل المنطقة وتعريفها وفق معايير جديدة, وتقسيم دولها على أسس طائفية, دينية, قومية, وغيرها من التقسيمات. واستخدمت في سبيل ذلك مختلف الوسائل بما فيها الوسيلة العسكرية, سواء بشكل مباشر, أم بواسطة اسرائيل كما في الحرب الاسرائيلية على لبنان تموز 2006.
وإذا كانت الولايات المتحدة الامريكية قد تفاجأت بما حصل في تونس ومصر ولم تكن راغبة في حدوث التغيير ولم تستطع منع التغيير, فإنها في الحالة الليبية أسهمت في الدفع به وساندت الثوار بكل الوسائل بما فيها التدخل العسكري بواسطة الضربات الجوية لقوات القذافي, وكذلك جهودها في ضبط مسار التغيير في اليمن بالشكل الذي انتهى اليه. وكذلك مساندتها للمعارضة السورية ضد نظام بشار الأسد, بما قدمته لهم من مساعدات أطلقت عليها ” مساعدات غير قاتلة “. وهي عبرت عن رغبتها الشديدة بتغيير النظام السوري الحالي. غير أن موقفها مما يجري في البحرين لم يكن كما في الحالات السابقة, إذ غضت النظر عن العنف الذي مارسه النظام الحاكم في البحرين ضد المتظاهرين, وهو ما يؤشر الانتقائية المحكومة بالمصالح في التعاطي مع القضايا التي تدعي بأنها تمثل للولايات المتحدة الامريكية قيماً علياً يسعون لنشرها في جميع انحاء العالم, كالديمقراطية وحقوق الانسان, لاسيما حرية الرأي والتعبير.