تعد تركيا من الدول الرئيسة المجاورة للعراق، وقد ارتبط شعبها بالشعب العراقي بروابط دينية وسياسية واقتصادية منذ حقبة زمنية ليست بالقصيرة، ولم تستطع المؤثرات السياسية الخارجية خارج المنطقة الجغرافية النيل منها. وقد تطورت العلاقات العراقية التركية في نهاية الستينات من هذا القرن، وكان من نتائجها إنشاء أنابيب للنفط في السبعينات، والتي أدت إلى تنمية العلاقات بينهما في المجال السياسي والاقتصادي، وكانت هذه الأنابيب من جانب آخر تدر على الأتراك منافع اقتصادية هائلة.
ونتيجة لذلك، استطاع البلدان معالجة أمور كثيرة بينهما دون تدخل قوى أجنبية، وكانت هناك زيارات متبادلة على مستويات عالية حتى في الأوقات الحرجة التي مرت بها العلاقات العراقية التركية ولا سيما عندما اتخذت تركيا قراراً بقطع المياه ولمدة شهر عن العراق ومع ذلك تم تجاوز هذه المعضلة ومن دون تدخل أجنبي فيها.
والحق أن الأتراك أكدوا من جانبهم على بعض المنطلقات النظرية في السياسة الخارجية إزاء أدائهم للوظيفة الإقليمية في الشرق الأوسط، لعل من أبرزها تطبيق شعار قائد تركيا الحديثة، مصطفى كمال اتاتورك والذي يكمن في: (السلم في الداخل والسلم في الخارج) هذا الشعار الذي أرسى معالمه اتاتورك بعد حرب الاستقلال (1919–1922) وكان للعراق نصيب من هذا الشعار في تطبيع علاقات تركيا معه. ومن جانب آخر أكد القادة الأتراك منذ منتصف الستينات من هذا القرن، وبعد إخفاقهم في الأزمة القبرصية في عام 1963، وهو تاريخ التقارب التركي من الأقطار العربية، على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية لهذه الأقطار، وعدت تغيير الأنظمة السياسية العربية بمثابة تطورات داخلية، ونتيجة لذلك فإن تركيا كانت تؤمن أن علاقاتها مع الوطن العربي تقوم على أساس العلاقات الثنائية، بما ينسجم وظروف كل دولة على حدة.