إن النظرة التاريخية بأبعادها الوطنية ومنطلقاتها المحلية تحتم اهتماماً خاصاً بالواقع المحلي الذي يفرضه التراث التاريخي وتقره الثوابت الاجتماعية، وعلى أساس هذه النظرة الموضوعية لطبيعة الإحداث جاء الاهتمام الخاص بالجزء دون الكل وبالفرع دون الأصل الذي أغنته سوابق الزمن وأشبعته ظروف المحن، ومن هذا المنطلق فأن كان الكل الحالي جزءاً في الأساس من كل سابق خدمته الظروف واقره تنامي الإحداث المتلاحقة وتطور وقائعها التاريخية حتى أضحى كلاً، فأنه آن الأوان للأجزاء المتعاصرة لان تكون كلاً بهذا الرافد المتقدم الذي وجب له هذا التقدم أو بروافد أخرى حالية أو مستقبلية سيقدر لها إن تغذي هذا الجزء وتدفع به إلى الإمام ليكون كلاً لا جزءاً ويتصدر الأخريات ليورثها ماضيه ويرفدها بتراثه المثقل.
إن الديمومة المتسلسلة للحدث التاريخي لا يمكن ان تقرها الوقائع المتلاحقة وان الأزلية السرمدية لما كان وسيكون لا يكتب لها الصمود إمام السيل المتأتي من المعلومات حفظتها بطون المؤلفات وأفرزتها سجلاتها التاريخية وعلى أساس هذه المؤشرات المقتضبة للإحداث ومعاناتها جاء الاهتمام بهذه الأجزاء الحاضرة لتكون كل المستقبل وجاءت هذه الدراسة اسهامة متواضعة لجزء واحد فقط تتعلق بوحدة إدارية من وحدات الفرات الأوسط وهي قضاء الشامية من لواء الديوانية للعام 1921-1958م طرحت كموضوع لدراسة أكاديمية تاريخية فرحبت بها نفس متفائلة وأصرت على البحث والتقصي عنها في أكثر من زاوية وأبعد من مجال. فكان احد أبناءها سباقا في الكتابة عنها ومتحمساً لان يترك بصمة في تاريخها قبل إن ينتابها النسيان وتتراكم عليها أتربت الزمان وهكذا تهيأ لهذا الباحث احمد عبد الرسول جبر لان ينقذها من أفواه الآخرين وينتزعها من ألسن المتكلمين قبل إن تندثر في قادم الأيام وتطويها مآثر النسيان فتضيع كما أضاعوا غيرها وتندرس كما دُرست أمثالها.