كانت هذه الدراسة التي تم انجازها في الكتاب وليدة معاناة تفتحت افاقها المعرفية والثقافية بالاحتكاك بالإعجاز والجمال الذي يتصف به القران الكريم, الذي دفع الى ارتياد هذا الميدان لاستقراء الجانب التربوي في عناصر التصوير الفني في القصص القرآنية وتوظيفها في المسرح المدرسي. ولكي ندرك افاق القران الكريم بنصوصه البليغة كان لابد من الخوض بالتصوير الفني للقصص القرآنية, تلك النظرية التي تبناها (سيد قطب) التي اعتمدت الفاظ خاطبت العقل والوجدان بمعانيها ودلالاتها التي الغت الحواجز بين عنصري التشخيص والتجسيد لتخوض في براعة التعبير والتشبيهات والاستعارات القرآنية لتقريب المعنى للقارئ…انه الحد الفاصل بين الخيال والمنطق…
من هذا المنطلق ارتأت المؤلفة ان النص المسرحي له دور ومساهمة فاعلة في اظهار ابعاد الصورة الفنية المسرحية, كون المسرح يمثل خزيناً للصور الفنية المتحركة ولان قصص القران بما تحمله من معان وقيم سامية بأسلوبها الفريد المرتكز على الخيال, كان بالإمكان تجسيده على المسرح المدرسي لترسيخ ما يرنو اليه من قيم. بيد ان الاجتراء, على تقريب هذين الحقلين المختلفين لما فيهما من منطلقات وأهداف متباعدة إلا ان التصوير الفني في القصة القرآنية يعتمد الايحاء والرمز في تقديم حقائقه الدينية عبر سلسلة من الازمات وصولا الى اعلى مراحل الحدث وذروته, بما يتناسب وموضوع القصة بأسلوبها التقريري الذي تنتقل فيه الحكاية من مرحلة الى مرحلة حتى تبلغ نهايتها, وهذا يشترك وطبيعة المسرح المدرسي باستخدام الحوار المتبادل بين الشخصيات يستفز فيه المتلقي نحو اكمال القصة وما ستؤول اليه الاحداث.
لقد جهدت المؤلفة في فحص النصوص القرآنية وكانت متفانية فيما اختارته من نصوص استأثرت بانتباهنا, واستوقفتنا, دون ان تحيلنا الى شيء اخر يخرج عنها لأنها “غاية في ذاتها” لا تنطوي على فاصل بين الحقيقة والخيال.