انتظم هذا الكتاب في تمهيد وخمسة فصول، تناول الفصل الاول دراسة الديانات التي وجدت في المغرب الادنى قبل الاسلام كالوثنية واليهودية والمسيحية، ومن ثم دارسة انتشار الاسلام في المغرب الذي كان حصيلة جهود بذلت من قبل الخلفاء والولاة والامراء والصحابة والتابعين واقبال اهل المغرب على الدين الجديد الذي جاء منسجما مع متطلبات واحتياجات سكان المنطقة. كما تناول دراسة الفرق والمذاهب الفقهية الاعتزالية والخوارجية والحنفية والمالكية، خاصة وان هناك وحدة تنعكس في الفقه والقضاء، فالقاضي يلزمه النظر في الكتب الفقهية واختيار الاحكام والآراء فيها والترجيح بينها تبعا لمصالح الناس العامة، فالفقه ليس مجرد نظريات مسطرة في الكتب انما هو قواعد عملية يتطلب تطبيقها سلطة قضائية وفق متطلبات الحياة وان لم يكن هناك تباعد كبير بين مختلف المذاهب الفقهية.
وتناول الفصل الثاني القضاء لغة واصلاحا، وشروط اختيار القاضي التي تشدد الفقهاء في وضعها لكي يضعوا تحقيق العدالة في ايدي امينة. كما تناول جهة تعين القاضي والاسباب التي دفعت تلك الجهة لاختيار القاضي وعهود التقليد التي كانت تصدر عنها. وتضمن الفصل الحديث عن مكان و زمان انعقاد مجلس القضاء، واخيرا عزل القاضي واسبابه.
وعُني الفصل الثالث باعوان القاضي الذين ساندوا القاضي في تطبيق العدالة، وفي تنفيذ احكامه، وفي تقديم المشورة والنصيحة، وفي الحفاظ على هيبة مجلسه، كالكاتب والحاجب والمشاور والامين والشاهد والوكيل والكفيل واعوان اخرين. وتناول الفصل ايضا محاضر القاضي وسجلاته، و كيفية سير الدعوى في مجلسه.
وخصص الفصل الرابع لدراسة اصناف القضاة كقاضي القيروان، وقاضي الجند، وصاحب المظالم (قاضي السوق)، كما تناول دراسة واجبات القاضي وسلطاته، وآداب القضاء في مجلس القضاء وملابسه وارزاقه وهل قبل القضاة الرشوة والهدايا.
ويشمل الفصل الخامس خططا ذات صلة بالقضاء، هي: خطة النظر في المظالم وخطة الحسبة، كما تناول الفصل اثر القضاة في الحياة العامة، فتناولت اثرهم في الحياة السياسية في الوفود والسفارات والدفاع عن المدن وقيادة الجيوش والموقف من السلطة وكذلك اثرهم في الحياة الاجتماعية الذي شمل زرع القيم الاخلاقية ومحاربة الاهواء والبدع والصلاة بالناس في الازمات. كما تضمن الفصل اثر القضاة في الحياة الثقافية فتعددت نشاطاتهم في مجال نشر التعليم وفي ابداء آرائهم التربوية، وفي المناظرات الفكرية وعكست مؤلفاتهم العلمية قدرتهم الثقافية.