إن من غربة الإسلام بعد البطون الثلاثة الأولى ظهور مؤلفين شوهوا التاريخ تقرباً للشيطان أو الحكام، فزعموا أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكونوا إخواناً في الله، ولم يكونوا رحماء بينهم ، وإنما كانوا أعداء يلعن بعضهم بعضاً، ويمكر بعضهم ببعض وينافق بعضهم لبعض ويتآمر بعضهم على بعض بغياً وعدواناً ، ومما لا شك فيه أن هناك عدة أمور وأسباب ساعدت على الوضع في الأخبار خاصة بعد وقوع الفتنة الكبرى – مقتل سيدنا عثمان رضي الله عنه، وما تلا ذلك من أحداث عظام أدت إلى ظهور تيارات سياسية وحزبية وكذلك المؤثرات الدينية كالفرق والعقائد والمذاهب ، كما كان للزندقة دور كبير وخطير في ذلك إذ لعب هؤلاء الدور الأكبر في الوضع والتزوير وتلفيق الروايات والأباطيل التي تشين إلى هذه الأمة وقادتها بدافع الحقد وتحقيق المصالح الذاتية وإعادة أمجاد الماضين كما أن جهل العديد ممن يريد مصلحة الإسلام والمسلمين قد وضع الكثير من الروايات التي تفيد الإسلام من وجهة نظرهم لكنها حقيقة هي تزوير وأباطيل ضررها أكثر من نفعها .
المطلوب من أبناء هذه الأمة خاصة المتخصصين في هذا الميدان أن يكونوا حذرين يقظين في قراءة الروايات ومعالجتها وتصفية ما هو مفيد ينسجم ومصلحة هذه الأمة . فالمؤامرة التي تعرضت لها الأمة عقيدةً وحضارةً وتاريخاً والتحديات التي واجهها تاريخنا ، كانت ، تحديات مستمرة ومتنوعة ، ولو قدر أن تعرض تاريخ وحضارة أمة من الأمم بمثل ما تعرض له تاريخ وحضارة أمتنا، لكانت النتيجة إستئصال تلك الحضارة وذلك التاريخ من أساسه ، والقضاء عليه قضاءاً مبرماً ، وأنه ما في أمة في العالم تعرضت لهذا القدر من الهجمات العنيفة المتلاحقة التي كانت تضرب الشاطئ الإسلامي كالبحر العاتي ، موجة إثر موجة … دون أن تترك للمسلمين الفترة الزمنية الكافية لكي يلموا شتاتهم ويلتقطوا أنفاسهم ويستجمعوا قواهم ..