من سبل الاهتمام بالمال جاء ذكره في القرآن الكريم في ستة وثمانين موضعا، مفردا وجمعا، معرفا ونكرة، وفي ذلك بلا شك دليل على الاهتمام القرآني الشديد به، والنظرة الإسلامية الخاصة إلى ما يعد اليوم عصب الحياة ؛ ولم يتوقف اهتمام الإسلام بقضية المال عند اعتباره مقصدا من مقاصد الشريعة الإسلامية الضرورية التي لا تقوم الحياة ولا تستقيم إلا بها، بل وضع من التشريعات ما يضبط وسائل إيجاد المال وتحصيله من الانحراف، وما يحفظ بقاء المال واستمراره من التعدي أو الضياع.
ومن عظمة هذا الدين أن جعل للنية الصالحة في كسب المال – إن كان ضمن الطرق المباحة – دورا كبيرا في تحويل الأعمال المباحة إلى عبادة من العبادات يثاب عليها المسلم. فمن محاسن الشريعة الإسلامية تشريعها لعدة أحكام تساهم مساهمة فعالة في حماية الأموال وإحرازها وحفظها لأصحابها، ومن هذه الأحكام مشروعية اللقطة التي تحقق مصلحتين:
الأولى: للمالك، في حماية ماله وإحرازه من الضياع، وامتداد الأيدي الخائنة إليه. فلا يمكن للمال أن يبقى بدون مالك، لأنّ بقاءه بغير مالك يؤدي إلى تخاصم الناس في حيازته.
والثانية: للملتقط، في تحصيل الثواب، لأنه قد التزم بأداء اللقطة، وهي أمانة عنده، فيثاب على أداء هذا الالتزام، لأنّ فيه امتثالاً لأمر الشارع، قال تعالى:{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {58} النساء.