السبب من تأليف هذا الكتاب ، هدفين أساسيين ، أولهما أنه قد قُصِدَ به جعل الوصول الى فَهم الفكر والحياة وتقديرهما أمراً ممكناً ، وثانيهما أنه اُريد به الاخذ بيد القارئ في الاقتراب من بعض المشكلات الاساسية والمميزة في الفلسفة على نحو ما ينظر اليها في التراث الديني ، ولقد تم ذلك من خلال محاولة لتمكين القارئ من تفهم الردود المطروحة على الاسئلة الاساسية في الحياة ، وفي اِعتقادي اِن تراث الفـلسفة الدينية لا يقل قيمة ولا أهمية عن التراث الفلسفي العام ، أما الزعم بأنه لا يمكن الاَخذ بيد شخص ما الى رحاب الفلسفة إلا من خلال دراسة كبار المفكرين والمشكلات الرئيسية في الغرب ، فهو اِفتراض ضيق الاُفق على نحو بالغ الوضوح، حتى اَن المرء ليعجب من أن هذا الافتراض اِستمر قائماً دونما تصدٍّ له بصورة كاملة تقريباً ، ويُنظر في الغرب الى الفلسفة ، عادة ، من خلال فلاسفة العالم الغربي التقليديين ، ولكن ليست هناك ميزة خاصة في فهم طبيعة الفلاسفة والمشكلات الفلسفية ، ان ندرس فلاسفة صادف اَنهم عاشوا في نصف الكرة الغربي فالموقع الجغرافي لا أهمية له هنا وهناك بالطبع ميزة في دراسة الفلاسفة الغربيين ، إذ لم يكن الهدف مقتصراً على فهم طبيعة النشاط الفلسفي والاقتراب من مواقف فلسفية معينة، وانما فهم اِستخدام التراث الفلسفي كوسيلة لاستيعاب تلك الافكار التي شكلت الوضع الراهن للإنسان في نصف الكرة الغربي ، ولكن هناك للسبب نفسه ،ميزة في دراسة الفلاسفة الشرقـيـين ،ذلك اَنه بالإضافة الى تعرّف المرء على طبيعة الفلسفة ، فإنه يكتسب كذلك فهماً للوضع الراهن للإنسان في فلسفة وحضارة الشرق .
ولسوف يجد القارئ ، الذي اِعتاد قراءة الفلسفة الغربية وحدها ، اَنّ من المُغـري اَن يصنف جانباً من المادة المدرجة في هذا الكتاب على اَنها تنتمي الى الدين ، اَو علم النفس ، اَو حتى قواعد السلوك ، و قد يحذف مجالات معينة من النقاش ( ومعها ما تبقى ) باعتبارها غير فلسفية .