الميديولوجيا والإعلام الرقمي

$10.00

مرت البشرية بمراحل وتحولات تاريخية على صعيد الاتصال بدءا من عصر التدوين إلى عصر الورق والطباعة إلى عصر البث الإذاعي المسموع ثم المرئي وانتهاء بعصر النشر الالكتروني والوسائط المتعددة .

ويذهب الباحث الأمريكي الفن توفلر في نظريته التي يطلق عليها نظرية( الموجة الثالثة ) في علم الاتصال إلى افتراض مرور العالم بثلاث موجات من الثورات التقنية ،جاعلا من تقنية المعلومات الموجة الثالثة التي تعد البؤرة الحيوية التي تركز عليها جل التغييرات الحاسمة التي نجح الإنسان في تحقيقها ضمن سجله العلمي والتقني.

والميديولوجيا أو علم الميديا هو علم يختص بدراسة وسائل الاتصال والتواصل و تأثيرها على الإنسان من ناحية تشكل الوعي والتأثير الإيديولوجي وفرض قيم ومفاهيم جديدة.

الميديولوجيا اختصاص يعنى بدراسة الوسائط الّتي بفضلها تحمل الرّسائل، وتنتقل الأفكار، وتنتشر العقائد، وتبثّ الأحاسيس.

وهي لا تعتني بالمضامين المنقولة وإنّما بالمرتكز المادّي الّذي يحمل تلك المضامين وبطرائق نقلها وكيفيات تأثيرها في العقول والنّفوس.

فلا وجود لفكر دون وسيط مادّيّ يكون الحامل الّذي يرتكز عليه، والآلة الّتي يجري بها نقله في الزّمان والمكان.

فالأفكار والرّسائل تحتاج قبل أن تستقرّ في الرّأس إلى أن تحمل على الظّهر، وهي إن كانت تقطع أميالا وأميالا قبل أن يكون لها أنصار وأتباع احتاجت قبل ذلك إلى عدة تقنيّة من كتب وكتّاب، ووراقة وورّاقين، وأمكنة للتّدوين والتّوثيق والأرشفة والصّيانة والإيداع والتّخزين، وجماعات بشريّة تتنقّل بها أو تتّبع استراتيجيّات مخصوصة في الدّعاية والتّرويج.

إن الميديولوجيا وإن كانت سلاحاً ووسيلة قوية التأثير في مجال الإعلام، لكنها لم تكن ناسخة للإذاعة والتلفاز والصحافة، بل كانت مكمّلة لبعض الجوانب، وكانت إضافة في عالم الإعلام. ومن أبرز ميزاتها أنها أوصلت الرسالة الإعلامية بسرعة، وسهّلت التلقي، وسمحت للمجموعات الأصغر من الناس بالالتقاء وتبادل الآراء وإسماع العالم صوت مجتمعاتهم.

ومن أبرز ما قدمته أيضاً فكرة “رجع الصدى” الذي يحقق إعادة المعلومات إلى المرسل، حتى يستطيع تحديد إذا ما حققت الرسالة أهدافها، وعدم استغراقها وقتاً طويلاً، وتوفير حرية بين المتلقي والمرسل من دون عوائق أو قيود، ما أتاح وظائف مفيدة في عملية الاتصال الإعلامي.